للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفُقَرَاءَ فَهُوَ شَهْرٌ لَكُمْ} فائدة لطيفة، وهو أن إخفاءها خير من إظهارها، إذا أعطيت للفقير.

فأما إذا صرفت في مشروع خيري، لم يكن في الآية، ما يدل على فضيلة إخفائها، بل هنا قواعد الشرع، تدل على مراعاة المصلحة، فربما كان الإظهار خيراً، لحصول الأسوة والاقتداء، وتنشيط النفوس على أعمال الخير) ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية أن الصدقة إذا لم تكن على الفقير فالسر فيها ليس خيراً من العلانية، وإنما مرجع ذلك إلى المصلحة؛ فإن كان في إعلانها إظهار للشعائر، وحصول القدوة الحسنة فالإعلان هنا أفضل من الإسرار، ووجه ذلك من مفهوم المخالفة حيث قيد صدقة الفقير بالإخفاء، فدل مفهومه أن غير الفقير ليس كذلك.

وما ذهب إليه السعدي في مفهوم هذا القيد فيه بعد ظاهر؛ لأن ذكر الفقير هنا ليس مقصوداً لذاته، فإخفاء الصدقة ليس مختصاً بالفقير، وإنما إخفاء الصدقة عموماً أفضل من إظهارها؛ لأنه أبعد عن الرياء، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة، من اقتداء الناس به، فيكون أفضل من هذه الحيثية (٢).

وأما تخصيص الفقير هنا فقيل: خصص الفقراء بالذكر اهتماماً بشأنهم (٣)، وقيل إن المراد إنما هو بعث المتصدق على أن يتحرى موضع الصدقة، فيصير عالماً بالفقراء، فيميزهم عن غيرهم، فإذا تقدم منه هذا الاستظهار ثم أخفاها حصلت الفضيلة (٤).


(١) انظر: تفسير السعدي (٩٥٨).
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٢/ ٦٤٤).
(٣) انظر: روح المعاني (٢/ ٤٣).
(٤) انظر: التفسير الكبير (٧/ ٦٦).

<<  <   >  >>