للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا تكون أمّاً والمدعى بنوته لا يكون ابناً، فهو إخبار بوقوع ووجود أمور لم يجعلها الله (١)، فاستنبط السعدي من ذلك قاعدة عامة في مثل هذه الأمور، وجعل تخصيص الأمرين بالذكر لشدة الحاجة في التنبيه عليهما وإلا فالقاعدة عامة.

وقد أشار بعض المفسرين إلى نحو ما قرره السعدي، قال ابن عاشور: (وهو تشريع الاعتبار بحقائق الأشياء ومعانيها، وأن مواهي الأمور لا تتغير بما يلصق بها من الأقوَال المنافية للحقائق، وأن تلك الملصقات بالحقائق هي التي تحجب العقول عن التفهم في الحقائق الحق، وهي التي تَرِينُ على القلوب بتلبيس الأشياء. . . وهذا كله زيادة تحريض على تلقي أمر الله بالقبول والامتثال ونبذ ما خالفه) (٢)، وممن أشار إلى ذلك من المفسرين أيضاً: الرازي، والشوكاني (٣).

الاحتجاج بأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخَرُ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١)} (الأحزاب: ٢١).

٣٧٣ - قال السعدي - رحمه الله -: (واستدل الأصوليون في هذه الآية، على الاحتجاج بأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم (٤)،

وأن الأصل، أن أمته أسوته


(١) انظر: تفسير سورة الأحزاب للاحم (٢٧).
(٢) انظر: التحرير والتنوير (٢١/ ٢٥٤) و (٢١/ ٢٦١).
(٣) انظر: التفسير الكبير (٢٥/ ١٦٧)، وفتح القدير (٤/ ٣٢٦).
(٤) أفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - على ثلاثة أضرب:
أحدها: حركاته التي تدور عليها هواجس النفوس كتصرف الأعضاء وحركات الجسد فلا يتعلق بذلك أمر باتباع ولا نهى عن مخالفة.
والضرب الثاني: أفعاله التي لا تتعلق بالعبادات كأحواله في مأكله ومشربه وملبسه =

<<  <   >  >>