للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما إشارة ابن عطية هنا فكأنه أراد أن هذا مذهب المعتزلة، ولكن الحق أحق أن يتبع وموافقة المعتزلة هنا لا يعني موافقتهم في باطلهم، قال ابن القيم: (والقرآن والسنة قد دلا على الموازنة وإحباط الحسنات بالسيئات فلا يضرب كتاب الله بعضه ببعض ولا يرد القرآن بمجرد كون المعتزلة قالوه، فعل أهل الهوى، والتعصب، بل نقبل الحق ممن قاله ويرد الباطل على من قاله) (١) كما أشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن الخلاف هنا بين أهل السنة أنفسهم، وليس بين أهل السنة والمعتزلة فقال: (فإذا كانت السيئات لا تحبط جميع الحسنات فهل تحبط بقدرها وهل يحبط بعض الحسنات بذنب دون الكفر فيه قولان للمنتسبين إلى السنة، منهم من ينكره، ومنهم من يثبته، كما دلت عليه النصوص مثل قوله تعالى: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} الآية دل على أن هذه السيئة تبطل الصدقة) (٢) والله أعلم.

الزكاة على صاحب الزرع لا على صاحب الأرض.

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ (٢٦٧)} (البقرة: ٢٦٧).

٧٦ - قال السعدي -رحمه الله-: (فقد تضمنت هاتان الآيتان أموراً عظيمة. . . ومنها: أن الزكاة على من له الزرع والثمر لا على صاحب الأرض، لقوله {أَخْرِجْنَا لَكُمْ} (٣) فمن أخرجت له


(١) انظر: مدارج السالكين (١/ ٣٠٣).
(٢) انظر: كتاب الزهد والورع والعبادة لابن تيمية (٧١).
(٣) ذكر بعض المفسرين استنباطات أخرى من هذه الآية منها: وجوب زكاة قليل ما تخرجه الأرض وكثيره، ومنها: وجوب الزكاة في المعادن، والركاز، وعروض التجارة، ومنها: وجوب الزكاة على كل ما تخرجه الأرض من الحبوب والثمار وغيرها حتى البقل. انظر: أحكام القرآن للكيا الهراسي (١/ ١٩٤)، وأحكام القرآن لابن العربي (١/ ٢٥٥)، والإكليل (١/ ٤٤٤).

<<  <   >  >>