للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووجه ذلك أنه نهى عن إبطال الصدقة بالتلبس بالمن والأذى، فأخذ من ذلك أنه يمكن قياس الأعمال الأخرى عليه، فالأعمال السيئة تبطل الأعمال الحسنة كما أبطل المن والأذى الصدقة.

الموافقون:

وافق السعدي على هذا الاستنباط بعض المفسرين، قال ابن القيم: (قد دل القرآن والسنة والمنقول عن الصحابة أن السيئات تحبط الحسنات كما الحسنات يذهبن السيئات، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} وقال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٢)} (١)، وممن قال به أيضاً: الدوسري (٢).

المخالفون:

خالف في هذا الاستنباط ابن عطية فقال: وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} الآية، والعقيدة أن السيئات لا تبطل الحسنات) (٣).

النتيجة:

وما ذهب إليه السعدي ومن وافقه هو الصحيح؛ لأن الآية واضحة الدلالة على بطلان الصدقة بالمن والأذى، وهذا يدل على أن البطلان ممكن، ومما يؤيد هذا الاستنباط أن القرآن غالباً لا يُذكر فيه الترغيب في أمر إلا وذكر في مقابله الترهيب من عكسه، فقد رغب الله في فعل الحسنات بأنهن يذهبن السيئات، وفي هذه الآية ترهيب من فعل السيئات لأن ذلك قد يؤدي إلى ذهاب الحسنات.


(١) انظر: الصلاة وحكم تاركها لابن القيم (٦٤).
(٢) انظر: صفوة الآثار والمفاهيم (٣/ ٤٨٧).
(٣) انظر: المحرر الوجيز (٢٤٢).

<<  <   >  >>