للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الاستنباط فيه تنبيه لأصحاب الأموال أن يراقبوا الله في صرف أموالهم، وأنهم محاسبون على ذهاب الأموال فيما حرم الله، فالملكية للأموال لا تعني صرفها في كل شيء.

كما أن فيه تأصيل لما يسمى اليوم ترشيد الاستهلاك، فلا يعني امتلاك الشيء أن يفعل الإنسان فيه ما يريد بل يجب أن يكون ذلك وفق الحاجة والمباح، فإذا خرج عن الحاجة وقع في الإسراف وهو محرم، وإذا خرج عن المباح وقع في الحرام.

الإصلاح يكون بقدر المستطاع.

قال تعالى: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)} (هود: ٨٨).

٢٦٢ - قال السعدي - رحمه الله -: (أن من قام بما يقدر عليه من الإصلاح لم يكن ملوماً ولا مذموماً في عدم فعله ما لا يقدر عليه فعلى العبد أن يقيم من الإصلاح في نفسه وفي غيره ما يقدر عليه). ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية أن الإصلاح يكون بقدر المستطاع، فمن قام بما يقدر عليه من الإصلاح لم يكن مذموماً في ترك ما لا يقدر عليه، ووجه استنباط ذلك من الآية أن شعيباً ربط إصلاحه باستطاعته، مما يدل على أن الإصلاح مربوط بالاستطاعة والقدرة، فمن فعل ما يقدر عليه فقد وفى.

وهذا الاستنباط قاعدة دعوية مهمة، فإذا فقه الداعية ذلك خف عليه ما لم يستطع إصلاحه، وكف عن جلد ذاته في أمور ليس في استطاعته


(١) انظر: تفسير السعدي (٣٨٧).

<<  <   >  >>