للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة التكوير]

العبد له مشيئة لكنها تابعة لمشيئة الله، خلافاً للقدرية النفاة، والقدرية المجبرة.

قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٩)} (التكوير: ٢٨ - ٢٩).

٤٤٦ - قال السعدي - رحمه الله -: (كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٩)}. فهذه الآية فيها رد على القدرية النفاة وعلى القدرية المجبرة (١): وإثبات للحق الذي


(١) اختلف الناس في أفعال العباد الاختيارية، فزعمت الجبرية ورئيسهم الجهم بن صفوان السمرقندي: أن التدبير في أفعال الخلق كلها لله تعالى، وهي كلها اضطرارية، كحركات المرتعش، والعروق النابضة، وحركات الأشجار، وإضافتها إلى الخلق مجاز! وهي على حسب ما يضاف الشيء إلى محله دون ما يضاف إلى محصله! فالجبرية غلوا في إثبات القدر، فنفوا صنع العبد أصلا.
وقابلتهم المعتزلة، فقالوا: إن جميع الأفعال الاختيارية من جميع الحيوانات بخلقها، لا تعلق لها بخلق الله تعالى، فالقدرية نفاة القدر جعلوا العباد خالقين مع الله تعالى.
وهدى الله المؤمنين أهل السنة لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. فكل دليل صحيح تقيمه الجبري، فإنما يدل على أن الله خالق كل شيء، وأنه على كل شيء قدير، وأن أفعال العباد من جملة مخلوقاته، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا يدل على أن العبد ليس بفاعل في الحقيقة ولا =

<<  <   >  >>