للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

استعمال الأدب مع الله في الألفاظ.

قال تعالى: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا (٧٩)} (الكهف: ٧٩).

وقال تعالى: {فَأَرَادَ رَبَّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ (٨٢)} (الكهف: ٨٢).

٣١٨ - قال السعدي - رحمه الله -: (ومنها-أي فوائد قصة موسى مع الخضر-: استعمال الأدب مع الله تعالى في الألفاظ، فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} وأما الخير، فأضافه إلى الله تعالى لقوله: {فَأَرَادَ رَبَّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} كما قال إبراهيم عليه السلام {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠)} [الشعراء: ٨٠]، وقالت الجن: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (١٠)} [الجن: ١٠] مع أن الكل بقضاء الله وقدره). ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية استنباطاً سلوكياً، وهو الأدب مع الله في الألفاظ، ووجه استنباط ذلك من الآية أن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه، وأما استخراج الكنز للأيتام فأضافه إلى الله، كل ذلك تأدباً مع الله جل شأنه في الألفاظ التي يتكلم بها المرء.

قال القرطبي: (لما كان ذلك خيراً كله أضافه إلى الله تعالى وأضاف عيب السفينة إلى نفسه رعاية للأدب لأنها لفظة عيب فتأدب بأن لم يسند الإرادة فيها إلا إلى نفسه، كما تأدب إبراهيم عليه السلام في قوله: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} فأسند الفعل قبل وبعد إلى الله تعالى، وأسند إلى نفسه المرض،


(١) انظر: تفسير السعدي (٤٨٥)، وتيسير اللطيف المنان للسعدي (٢٥٩).

<<  <   >  >>