للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المتقدم، وكما هو ظاهر فعل موسى عليه الصلاة والسلام فلو لم يكن ما فعله ذنباً لم يحتج إلى استغفار. والله أعلم.

قاتل النفس مفسد، وإن زعم أنه مصلح.

قال تعالى: {إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (١٩)} (القصص: ١٩).

٣٥٧ - قال السعدي - رحمه الله -: (ومنها-أي من الفوائد المستنبطة من قصة موسى -: أن من قتل النفوس بغير حق، وزعم أنه يريد الإصلاح في الأرض، وتهييب أهل المعاصي، فإنه كاذب في ذلك، وهو مفسد كما حكى الله قول القبطي {إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (١٩)} على وجه التقرير له، لا الإنكار). ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية استنباطاً في السياسة الشرعية، وهو أن قتل النفس بغير حق إفساد وإن زعم صاحبه فيه الإصلاح، ووجه استنباط ذلك من الآية بمفهوم الموافقة حيث إن القبطي الذي أراد موسى قتله ذكّر موسى بأن فعله فعل الجبابرة الذين شأنهم قتل الناس بغير حق ونفى عنه الإصلاح، مما جعل موسى يرتدع عن قتله، مما يدل على أن القاتل مفسد وإن زعم أنه مصلح، وقد حكى الله قول القبطي إقراراً له دون إنكار.

وهذا الاستنباط فيه تأكيد وتنبه لهذا المعنى؛ إذ أكثر الذين يقومون بالاعتداء بالقتل والتفجير حجتهم في ذلك دائماً إرادة الإصلاح، ونصرة


(١) انظر: تفسير السعدي (٦١٩)، وتيسير اللطيف المنان للسعدي (٢٢٧).

<<  <   >  >>