للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشيء المتداول ولو على غير الشرع يصير من جملة الأموال ولا إثم على من باعه واشتراه مع عدم علمه بذلك.

قال تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠)} (يوسف: ٢٠).

٢٦٩ - قال السعدي - رحمه الله -: (ومنها-أي من الفوائد المستنبطة من قصة يوسف-: أن الشيء إذا تداولته الأيدي وصار من جملة الأموال، ولم يعلم أنه كان على غير وجه الشرع، أنه لا إثم على من باشره ببيع أو شراء، أو خدمة أو انتفاع، أو استعمال (١)، فإن يوسف عليه السلام باعه إخوته بيعاً حراماً لا يجوز، ثم ذهبت به السيارة إلى مصر فباعوه بها، وبقي عند سيده غلاماً رقيقاً، وسماه الله شراء، وكان عندهم بمنزلة الغلام الرقيق المكرم). ا. هـ (٢)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية أن الشيء المتداول بالبيع والشراء والذي أصله ليس على وجه الشرع، يصير من جملة الأموال فلا إثم على من باعه أو اشتراه أو استعمله أو انتفع به ونحو ذلك إذا لم يعلم بحقيقة أصله، ووجه استنباط ذلك من الآية أن الله ذكر عن يوسف ذلك وكيف حصل فيه البيع والشراء مع أن أصله حر لا يجوز بيعه ولا شراؤه، ولكن


(١) ومما يؤيد ذلك أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنهم كانوا يسألون عن أصول أموال من كانوا يتعاملون معهم، مع أنهم كانوا يتعاملون مع من هم مظنة السرقة، أوالنهب، أوالغصب، أوالاحتيال ونحو ذلك، إذ كان التعامل في البيع والشراء مع المشركين، واليهود، ونحوهم ممن هو مظنة الإستيلاء على الأموال بغير حق، ومع هذا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم التحرز من شراء ما كان يحتاجه منهم، مما يدل على أن الأصل الحل في مثل هذا التعامل.
(٢) انظر: تفسير السعدي (٤٠٨)، وتيسير اللطيف المنان للسعدي (٢٧٧).

<<  <   >  >>