للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أشار بعض المفسرين إلى نحو ما قاله السعدي، قال البقاعي: (ولما كان السعي في طلب الرزق ملهياً عن الذكر، بين أنه أعظم السعي في المعاش وأن من غفل عنه لم ينجح له مقصد وإن تحايل له بكل الحيل وغير ذلك فقال: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ} أي الذي بيده كل شيء ولا شيء لغيره فإنه لا رخصة في ترك ذكره أصلاً) (١)، وممن أشار إلى ذلك من المفسرين أيضاً: الزمخشري، وابن عاشور (٢).

وأشار بعض المفسرين إلى مناسبة أخرى وهي أنه لما ذكر الذكر مخصوصاً بالصلاة، ناسب الأمر بالذكر على وجه العموم لئلا يتوهم اختصاص الذكر بالصلاة، قال الصاوي: (قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} أتى به ثانية؛ إعلاماً بأن ذكر الله مأمور به في سائر الأحوال لا في خصوص الصلاة) (٣)، وممن أشار إلى ذلك من المفسرين أيضاً: الألوسي (٤).

والذي يظهر - والله أعلم - أن المناسبة الأولى هي الأقرب فالاشتغال بالتجارة من الملهيات عن ذكر الله، فمناسبة التذكير بذكر الله لمن اشتغل بالتجارة هو الأقرب، وأما القول بأن المناسبة هي دفع توهم اختصاص الذكر بالصلاة ففيه بعد لا يخفى؛ إذ الذكر عبادة مستقلة لا يتوهم شخص بسقوطها، أو اختصاصها بحالة معينة دون غيرها. والله أعلم.

مشروعية النداء للصلوات الخمس.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ (٩)} (الجمعة: ٩).


(١) انظر: نظم الدرر (٧/ ٦٠٢).
(٢) انظر: الكشاف (١١٠٨)، والتحرير والتنوير (٢٨/ ٢٢٧).
(٣) انظر: حاشية الصاوي على الجلالين (٦/ ١١٢).
(٤) انظر: روح المعاني (١٤/ ٢٩٨).

<<  <   >  >>