للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

العدم الصرف لا يرى، ولا تدركه الأبصار، والرب جل جلاله يتعالى أن يمدح بما يشاركه فيه العدم المحض. (١)

إذا ثبت هذا فنقول: قوله: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} يمتنع أن يفيد المدح والثناء إلا إذا دل على معنى موجود يفيد المدح والثناء، وهو عدم الإدراك والإحاطة لا نفي الرؤية، وبهذا التقرير فإن الكلام ينقلب عليهم حجة فسقط استدلال المعتزلة بهذه الآية من كل الوجوه (٢)

ومما يؤيد هذا المعنى المستنبط وهو إثبات الرؤية في الآخرة، قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} [المطففين: ١٥]، فلما حجب أولئك في حال السخط دل على أن المؤمنين يرونه في حال الرضى وإلا لم يكن بينهما فرق (٣).

وكذلك حديث جرير بن عبد الله البجلي، قال: (كنا جلوساً مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة، فقال: "إنكم سترون ربكم عياناً، كما ترون هذا، لا تضامون في رؤيته) (٤)، وهذا الحديث صريح الدلالة على إثبات الرؤية.

الوسائل لها أحكام المقاصد.

قال تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا


(١) انظر: بدائع التفسير الجامع لتفسير ابن القيم (١/ ٣٦١)، وشرح الطحاوية لابن أبي العز (٢١٤).
(٢) انظر: التفسير الكبير (١٣/ ١٠٦).
(٣) انظر: لمعة الاعتقاد لابن قدامة (٨٦).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر، ح (٥٥٤)، ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، ح (٦٣٣).

<<  <   >  >>