للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم يقصد فيه المآثم، لأن الود وميل النفس من طبع البشر) (١)، وممن أشار إلى ذلك من المفسرين أيضاً: الزمخشري، وابن عاشور (٢).

كما أن هذا يكشف خلقاً عظيماً عند النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يتكلم مع زيد إلا بما يصلح له، مجاهداً ما تهوى نفسه ويتمنى، وهذا يدل على كمال خلق النبي صلى الله عليه وسلم، ومدى تمكنه من إلزام نفسه للكمال الأخلاقي.

المستشار مؤتمن، أن يشير بما هو أصلح للمستشير.

قال تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ (٣٧)} (الأحزاب: ٣٧).

٣٧٧ - قال السعدي - رحمه الله -: (ومنها-أي من فوائد الآية-: أن المستشار مؤتمن، يجب عليه -إذا استشير في أمر من الأمور- أن يشير بما يعلمه أصلح للمستشير ولو كان له حظ نفس، فتقدم مصلحة المستشير على هوى نفسه وغرضه). ا. هـ (٣)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية أن المستشار مؤتمن، يجب عليه لأن يشير بما هو أصلح للمستشير ولو خالف حظ نفسه، ووجه استنباط ذلك من الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما استشاره زيد بن حارثة في طلاقه لزينب بنت جحش، أشار عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالإمساك وعدم الطلاق؛ مع أن في نفسه ميل لزينب، ولكنه قدم مصلحة المستشير وهو زيد على المستشار وهو نفسه صلى الله عليه وسلم.


(١) انظر: معالم التنزيل (٣/ ٤٥٨).
(٢) انظر: الكشاف (٨٥٧)، والتحرير والتنوير (٢٢/ ٣٦).
(٣) انظر: تفسير السعدي (٦٦٦).

<<  <   >  >>