للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمر بحفظ الفرج مطلقاً، لأنه لا يباح في حالة من الأحوال، وأتى بمن للتبعيض في البصر لجوازه في بعض الأحوال.

قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ (٣٠)} (النور: ٣٠)

٣٣٩ - قال السعدي - رحمه الله -: (وتأمل كيف أمر بحفظ الفرج مطلقا، لأنه لا يباح في حالة من الأحوال، وأما البصر فقال: {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} أتى بأداة " من " الدالة على التبعيض، فإنه يجوز النظر في بعض الأحوال لحاجة، كنظر الشاهد والعامل والخاطب، ونحو ذلك). ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية مناسبة دخول "من"على غض البصر دون حفظ الفرج، وأن مناسبة ذلك هو أن حفظ الفرج لا يباح في حالة من الأحوال، بينما النظر يجوز في بعض الأحوال كالنظرة الأولى التي بغير قصد، وكالنظر إلى المخطوبة ونحو ذلك.

وقد وافق السعدي بعض المفسرين على هذا الاستنباط، قال أبوحيان: (ودخلت {مِنْ} في قوله {مِنْ أَبْصَارِهِمْ} دون الفرج دلالة على أن أمر النظر أوسع، ألا ترى أن الزوجة ينظر زوجها إلى محاسنها من الشعر والصدور والعضد والساق والقدم، وكذلك الجارية المستعرضة وينظر من الأجنبية إلى وجهها وكفيها وأما أمر الفرج فمضيق) (٢)، وممن أشار إلى ذلك من المفسرين أيضاً: الزمخشري، والرازي، وأبوالسعود، وابن القيم، والألوسي. (٣)


(١) انظر: تفسير السعدي (٥٦٦).
(٢) انظر: البحر المحيط (٦/ ٤١٢).
(٣) انظر: الكشاف (٧٢٦) التفسير الكبير (٢٣/ ١٧٥)، وإرشاد العقل السليم (٤/ ٤٥٣)، وبدائع التفسير الجامع لتفسير ابن القيم (٢/ ٢٣٧)، وروح المعاني (٩/ ٣٣٤).

<<  <   >  >>