للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٣٨ - قال السعدي - رحمه الله -: (الإتيان بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ شَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا} (١) [النور: ٢٧] أحسن من قوله " تستأذنوا " لأن (تستأنسوا) تتضمن الاستئذان وزيادة التعليل، وأن الحكمة التي شرع الله الاستئذان لأجلها هي حصول الاستئناس من عدم الوحشة). ا. هـ (٢)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية أن التعبير في الآية بالاستئناس، أحسن من التعبير بالاستئذان، ووجه ذلك أن الاستئناس يتضمن الاستئذان وزيادة التعليل، وهو بيان الحكمة من الاستئذان وهي الاستئناس ورفع الوحشة.

وقد أشار إلى قريب من ذلك ابن عاشور فقال: (عُبر عن الاستئذان بالاستئناس مع ما في ذلك من الإيماء إلى علة مشروعية الاستئذان، وفي ذلك من الآداب أن المرء لا ينبغي أن يكون كلاًّ على غيره، ولا ينبغي له أن يعرض نفسه إلى الكراهية والاستثقال، وأنه ينبغي أن يكون الزائر والمزور متوافقين متآنسين وذلك عون على توفر الأخوة الإسلامية) (٣).


(١) ما يروى عن ابن عباس وغيره من أن أصل الآية: حتى تستأذنوا وأن الكاتبين غلطوا في كتابتهم، فكتبوا تستأنسوا غلطاً بدل تستأذنوا، لا يعول عليه، ولا يمكن أن يصح عن ابن عباس، وإن صحح سنده عنه بعض أهل العلم، ولو فرضنا صحته فهو من القراءات التي نسخت وتركت، ولعل القارئ بها لم يطلع على ذلك، لأن جميع الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على كتابة تستأنسوا في جميع نسخ المصحف العثماني، وعلى تلاوتها بلفظ: تستأنسوا، ومضى على ذلك إجماع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها في مصاحفهم وتلاوتهم من غير نكير والقرآن العظيم تولى الله تعالى حفظه من التبديل والتغيير. انظر: أضواء البيان (٦/ ١٦٨)، والمحرر الوجيز (١٣٥٥).
(٢) انظر: المواهب الربانبة للسعدي (٣٤).
(٣) انظر: التحرير والتنوير (١٨/ ١٩٧).

<<  <   >  >>