للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المخاطب، إذا اضطر فأكل ما يزيد على قدر الحاجة، فهو تعالى غفور له ذلك، رحيم بأن أباح له قدر الحاجة (١).

وقال بعضهم: أن المقتضى للحرمة قائم في الميتة والدم، إلا أنه زالت الحرمة لقيام المعارض، فلما كان تناوله تناولا لما حصل فيه المقتضى للحرمة عبر عنه بالمغفرة، ثم ذكر بعده أنه رحيم، يعني لأجل الرحمة عليكم أبحت لكم ذلك (٢).

وذكر بعض المفسرين أنه لا يصل إلى درجة أكل المحرم اضطرارا إلا بذنب فناسب ذكر المغفرة هنا لأنه لولا المغفرة لتممت عليه عقوبته وفي قوله: {رَحِيمٌ} إنباء بأن من اضطر فأصاب مما اضطر إليه شيئاً لم يبغ فيه ولم يعد تناله من الله رحمة توسعه من أن يضطر بعدها إلى مثله فيغفر له الذنب السابق الذي أوجب الضرورة ويناله بالرحمة الموسعة التي ينال بها من لم يقع منه ما وقع ممن اضطر إلى مثله (٣). وهذا الوجه فيه بعد وتكلف حيث أن المؤمن الصالح قد يقع في حال اضطرار إلى فعل ما يحرم عليه ابتلاء له، لا عقوبة بسبب ذنب.

النتيجة:

والأصح في ذلك أن ذكر هاذين الاسمين مناسبته بأن الله رحيم بهم من الهلكة فأباح لهم المحرم بقدر ما يحفظ حياتهم لأن الضرورة تقدر بقدرها، والله غفور لذنبهم متجاوز عنهم فيه

لأنهم لم يرتكبوه عمداً وإنما عن اضطرا، فربْط هذه المناسبة بالحكم الفقهي الذي ذكر قبلها هو الصحيح؛ لظهور المناسبة.


(١) انظر: البحر المحيط (١/ ٦٦٥).
(٢) انظر: التفسير الكبير (٥/ ١٢).
(٣) انظر: نظم الدرر (٢/ ٣٤٨)، وجواهر الأفكار (٤٦٢).

<<  <   >  >>