للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأزواج بالعفو والصفح عنهم، وأن مناسبة ذلك هي أن التحذير منهم قد يوهم إيقاع العقوبة والغلظة عليهم، فناسب الترغيب في العفو والصفح عنهم؛ لدفع هذا التوهم.

وقد أشار البقاعي إلى نحو ما استنبطه السعدي، فقال: (ولما كان قد يقع ما يؤذي مع الحذر لأنه لا يغني من قدر أو مع الاستسلام، وكان وكل المؤذي إلى الله أولى وأعظم في الاستنصار، قال مرشداً إلى ذلك: {وَإِنْ تَعْفُوا}) (١).

وأشار بعض المفسرين إلى مناسبة أخرى وهي أن هذا الحذر قد يصدر عنه نوع من الجفاء والعزوف عن الزوجة والأبناء، والهروب من المسؤولية تجاههم مما قد يورث عداوة

أشد، فناسب ذكر العفو بعده، قال حقي: (وفى الحث على العفو والصفح إشارة إلى أن ليس المراد من الأمر بالحذر تركهم بالكلية والإعراض عن معاشرتهم ومصاحبتهم) (٢).

وما أشار إليه السعدي فيه لفتة دقيقة في معالجة المشاكل الأسرية وأن عداوة الزوجة والأولاد لا ينبغي أن تقابل إلا بالعفو والصفح والغفران، وأن ذلك يخفف أو يذهب أو يجنب الزوج والولد نتائج هذا العداء، وأنه خير من المشاحة والخصام (٣)، وأنه مهما بدر من الأبناء أو الزوجة إلا أنه لا يبرر استخدام العنف ضدهم، ولذا يبرز هذا الاستنباط محاربة الإسلام لما يسمى اليوم بالعنف الأسري، فإذا كان المسلم مأموراً بالعفو والصفح عن أفراد الأسرة مع صدور الأذى منهم، فهو مأمور بعدم إصدار العنف ضدهم إذا لم يبدر منهم أذى من باب أولى.


(١) انظر: نظم الدرر (٨/ ١٨).
(٢) انظر: روح البيان (١٨/ ١٠).
(٣) انظر: أضواء البيان (٨/ ٣٤٤).

<<  <   >  >>