للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يوسف- مسألة دقيقة، وهو أن الإحسان إنما يكون إحساناً إذا لم يتضمن فعل محرم أو ترك واجب، فإنهم طلبوا من يوسف أن يحسن إليهم بترك هذا الأخ أن يذهب إلى أبيه ويأخذ أحدهم بدله ; فامتنع وقال: {مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (٧٩)} [يوسف: ٧٩] فالإحسان إذا تضمن ترك العدل كان ظلماً، ولهذا كان تخصيص بعض الأولاد على بعض، وبعض الزوجات على بعض - وإن كان إحساناً إلى المخصص والمفضل - لا يجوز لأنه ترك للعدل، وكذلك ما أشبه ذلك، والله أعلم). ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية استنباطاً سلوكياً وهو أن الإحسان إنما يكون إحساناً إذا لم يتضمن فعل محرم، أوترك واجب، ووجه استنباط ذلك من الآية أن يوسف امتنع عن مؤاخذة غير من وجد السقاية في رحله؛ لأن هذا وإن كان إحساناً إلا أنه تضمن مؤاخذة غير المقصود، فلم يكن حينئذ إحساناً.

وهذا المعنى المستنبط تدل عليه أدلة كثيرة منها ما أشار إليه السعدي وهو ميل الرجل إلى إحدى زوجتيه فهذا وإن كان إحساناً إليها لكنه غير جائز؛ لأنه تضمن ترك العدل، فالمعنى المستنبط صحيح في ذاته، ولكن استنباطه من هذه الآية فيه نظر؛ إذ امتناع يوسف عن مؤاخذة غير أخيه لقصد أنه يريده هو دون غيره، كما أنه يعلم أنه غير سارق في الأصل وإنما هي حيلة لأجل بقائه عنده، فأخذ غيره ليس فيه فعل محرم ولا ترك واجب. والله أعلم.


(١) انظر: فوائد مستنبطة من قصة يوسف للسعدي (١٤٢).

<<  <   >  >>