للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المعنى، قال أبو السعود: ({مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} (الفاتحة: ٤) صفةٌ رابعة له تعالى، وتأخيرُها عن الصفات الأُوَل مما لا حاجة إلى بيان وجهِه، وقرأ أهلُ الحرمَيْن المحترمَيْن (ملِك) من المُلْك الذي هو عبارةٌ عن السلطان القاهر، والاستيلاءِ الباهر، والغلبةِ التامة، والقُدرةِ على التصرف الكليّ في أمور العامة، بالأمر والنهي، وهو الأنسبُ بمقام الإضافة إلى يوم الدين، كما في قوله تعالى: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (١٦)} (غافر: ١٦)) (١)، كما أشار إلى هذا المعنى ابن جرير الطبري (٢)، وقال بعض المفسرين أن تخصيص الملك بالذكر هنا لتعظيم شأن ذلك اليوم فهو عظيم في جمعه وحوادثه، قال ابن عطية: (ولكن خصّصه بالذكر لعظمه في جمعه وحوادثه) (٣)، وممن قال بذلك من المفسرين أيضاً:

الجرجاني (٤)، وأبوالسعود، والقاسمي. (٥)

وعند التأمل فيما ذكره المفسرون هنا نجد أنه يمكن الجمع بين الاستنباطين فيكون تخصيص ملك الله ليوم الدين بالذكر - مع أنه مالك له ولغيره - من باب إظهار ملكه في ذلك اليوم وانقطاع أملاك الآخرين كما قال تعالى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (١٦)} (غافر: ١٦)، وكذلك لعظم هذا اليوم وما يقع


(١) انظر: إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (١/ ١٤).
(٢) انظر: جامع البيان (١/ ٩٥).
(٣) انظر: المحرر الوجيز (٤٢).
(٤) هو: عبدالقاهر بن عبدالرحمن بن محمد الجرجاني الأشعري الشافعي نحوي فقيه مفسر له مؤلفات منها: إعجاز القرآن والعوامل المائة وتفسير الفاتحة وغيرها، توفي عام ٤٧١ هـ. انظر: طبقات الشافعية (١/ ٤١)، ومعجم المؤلفين (٥/ ٣١٠).
(٥) انظر: درج الدرر في تفسير الآي والسور (١/ ٨٧)، وإرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (١/ ١٥)، ومحاسن التأويل (١/ ٢٤٨)،.

<<  <   >  >>