للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وصاحب الضلال منغمس فيه محتَقر). ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية استنباطاً بلاغياً وهو مناسبة التعبير بـ "على" مع الهداية والتعبير بـ "في" مع الضلالة، وأن معنى الاستعلاء مناسب للهداية فصاحب الهداية مرتفع بها، وحرف الظرفية "في" مناسب للضلالة والانغماس فيها.

وقد وافق السعدي على هذا الاستنباط بعض المفسرين، قال ابن عاشور مبيناً وجه البلاغة هنا: (وجيء في جانب أصحاب الهدى بحرف الاستعلاء المستعار للتمكن تمثيلاً لحال المهتدي بحال متصرّف في فرسه يركضه حيث شاء فهو متمكّن من شيء يبلغ به مقصده، وهي حالة مُماثلة لحال المهتدي على بصيرة فهو يسترجع مناهج الحق في كل صوب، متَسعَ النظر، منشرحَ الصدر: ففيه تمثيلية مكنية وتبعية.

وجيء في جانب الضالّين بحرف الظرفية المستعار لشدة التلبس بالوصف تمثيلاً لحالهم في إحاطة الضلال بهم بحال الشيء في ظرف محيط به لا يتركه يُفارقه ولا يتطلع منه على خلاف ما هو فيه من ضيق يلازمه) (٢)

وقال الرازي موافقاً السعدي في هذا الاستنباط: (وذكر في الهدى كلمة " على " وفي الضلال كلمة " في " لأن المهتدي كأنه مرتَفع مطَّلع فذكره بكلمة " التعالي " والضال منغمس في الظلمة غريق فيها فذكره بكلمة " في ") (٣).


(١) انظر: تفسير السعدي (٤١).
(٢) انظر: التحرير والتنوير (٢٢/ ١٩٣).
(٣) انظر: التفسير الكبير (٢٥/ ٢٢٢)

<<  <   >  >>