للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

اختبار أحوال الشهود، والمحق والمبطل من الناس، بسبر أعمالهم، والنظر لقرائن أحوالهم، وأن لا يغتر بتمويههم وتزكيتهم أنفسهم) ا. هـ (١).

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية قاعدة سلوكية في التعامل مع الناس وهي عدم الاعتماد على الأقوال حتى تختبر أحوالهم وتعرف أعمالهم، ووجه ذلك أن الله أخبر في الآية أن من الناس من تغتر بقوله ولكن باطنه شر فدل ذلك بدلالة الالتزام على الحذر منهم واختبار أعمالهم وسبر أحوالهم فهذا الأمر حاصل منهم لكن الفائدة من هذا الإخبار هو اتخاذ الحذر والحيطة بسبر الأعمال، والنظر لقرائن الأحوال.

وقد وافق السعدي على هذا الاستنباط بعض المفسرين، قال الجصاص: (قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (٢٠٤)} الآية، فيه تحذير من الاغترار بظاهر القول وما يبديه من حلاوة المنطق والاجتهاد في تأكيد ما يظهره، فأخبر الله تعالى أن من الناس من يظهر بلسانه ما يعجبك ظاهره. . . فأعلم الله تعالى نبيه ضمائرهم لئلا يغتر بظاهر أقوالهم، وجعله عبرة لنا في أمثالهم لئلا نتكل على ظاهر أمور الناس وما يبدونه من أنفسهم،

وفيه الأمر بالاحتياط فيما يتعلق بأمثالهم من أمور الدين، والدنيا، فلا نقتصر فيما أمرنا بائتمان الناس عليه من أمر الدين، والدنيا على ظاهر حال الإنسان دون البحث عنه.

وفيه دليل على أن عليه استبراء حال من يراد للقضاء والشهادة والإمامة، وما جرى مجرى ذلك، في أن لا يقبل منهم ظاهرهم حتى يسأل ويبحث عنهم. . .) (٢)، وممن قال بذلك أيضاً: ابن العربي، وإلكيا


(١) انظر: تفسير السعدي (٩٤).
(٢) انظر: أحكام القرآن للجصاص (١/ ٣٨٤ - ٣٨٥).

<<  <   >  >>