للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المخالفون:

خالف في ذلك الحنفية وقالوا أن الآية تدل من وجوه على عكس ذلك وهو جواز النكاح إذا عقدت المرأة على نفسها من غير ولي؛ أحدها: إضافة العقد إليها من غير شرط إذن الولي، والثاني: نهيه عن العضل إذا تراضى الزوجان (١).

ورد الحنفية حجة من قال أن النهي عن العضل يدل على أنه لا نكاح إلا بولي فقالوا: فإن قيل: لولا أن الولي يملك منعها عن النكاح لما نهاه عنه كما لا ينهى الأجنبي الذي لا ولاية له عنه. قيل هذا غلط؛ لأن النهي يمنع أن يكون له حق فيما نهي عنه فكيف يستدل به على إثبات الحق؟ (٢)

أجاب الجمهور عن ذلك فقالوا: لا يقال نهي عن استعمال ما ليس بحق له لأنه لو كان كذلك لكان النهي عن البغي والعدوان كافياً، ولجئ بصيغة: ما يكون لكم ونحوها (٣).

النتيجة:

وما ذهب إليه السعدي ومن وافقه هو الصحيح لوجوه منها:

أولاً: دلالة الآية عليه بدلالة الالتزام، وهي واضحة الدلالة على ذلك كما سبق.

ثانياً: أن هناك نصوصاً أخرى تدل على هذا المعنى بدلالة واضحة، ومن أصرحها في الدلالة على هذه المسألة حديث أبي موسى رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا نكاح إلا بولي) (٤)، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم.


(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص (١/ ٤٨٤)، ودرج الدرر (١/ ٣٩٩).
(٢) انظر: المصدر السابق.
(٣) انظر: التحرير والتنوير (١/ ٤٢٨).
(٤) أخرجه أحمد في مسنده (٣٢/ ٥٢٢) ح (١٩٧٤٦)، وأبوداوود، كتاب النكاح، باب في الولي، ح (٢٠٨٥)، والترمذي، كتاب النكاح، باب ما جاء لا نكاح إلا بولي، ح (١١٠١)، وصححه الحاكم في مستدركه (٢/ ١٨٨)، وصححه الألباني في الإرواء (٦/ ٢٣٥).

<<  <   >  >>