للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٦ - قال السعدي -رحمه الله-: (ومنها-أي فوائد الآية-: أن شهادة الكفار (١) ذكوراً كانوا أو نساء غير مقبولة، لأنهم ليسوا منا، ولأن مبنى الشهادة على العدالة وهو غير عدل) ا. هـ (٢)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية أن شهادة الكفار غير مقبولة، ووجه استنباط ذلك من الآية ذكر الرجال مضافاً إلى ضمير المخاطبين، وضمير جماعة المخاطبين مراد به المسلمون لقوله في طالعة هذه الأحكام يأيها الذين آمنوا (٣).

وقد وافق السعدي على هذا الاستنباط عامة المفسرين، قال ابن العربي: (وعين بالإضافة في قوله تعالى: {مِنْ رِجَالِكُمْ} المسلم، ولأن الكافر لا قول له. . .) (٤)، وممن قال بذلك أيضاً: البغوي، والجصاص،


(١) شهادة الكفار غير مقبولة اتفاقاً، ولم يحصل الخلاف إلا في إشهادهم على الوصية في السفر، وكذلك قبول شهادتهم على بعضهم البعض عند قاض مسلم، قال ابن عاشور جامعاً شتات المسألتين: (ولأجل هذا اتّفق علماء الإسلام على عدم قبول شهادة أهل الكتاب بين المسلمين في غير الوصية في السفر، واختلفوا في الإشهاد على الوصية في السفر، فقال ابن عباس ومجاهد وأبو موسى الأشعري وشريح بقبول شهادة غير المسلمين في الوصية في السفر، وقضى به أبو موسى الأشعري مدّة قضائه في الكُوفة، وهو قول أحمدَ وسفيانَ الثوري وجماعة من العلماء، وقال الجمهور: لا تجوز شهادة غير المسلمين على المسلمين ورأوا أنّ ما في آية الوصية منسوخ، وهو قول زيد بن أسلم ومالك وأبي حنيفة والشافعي، واختلفوا في شهادة بعضهم على بعض عند قاضي المسلمين فأجازها أبو حنيفة ناظراً في ذلك إلى انتفاء تهمة تساهلهم بحقوق المسلمين، وخالَفه الجمهور، والوجه أنّه يتعذّر لقاضي المسلمين معرفة أمانة بعضهم مع بعض وصدق أخبارهم كما قدمناه آنفاً) انظر: التحرير والتنوير (٣/ ١٠٧).
(٢) انظر: تفسير السعدي (١١٩).
(٣) انظر: التحرير والتنوير (٣/ ١٠٦).
(٤) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٢٧٢).

<<  <   >  >>