٩٢ - قال السعدي -رحمه الله-: (وفيه أن أكمل حالات الرهن أن يكون مقبوضاً، وليس في الآية دليل على أنه لا يكون رهناً إلا إذا قبض، لأن الله إنما ذكر أعلى الحالات، بل مفهوم قوله:{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} أنها قد تكون غير مقبوضة، لكنها أقل توثقة من المقبوضة، كما أن الشيء القليل أو الذي في الذمة أقل توثقة من الكثير أو من العين) ا. هـ (١)
الدراسة:
استنبط السعدي من هذه الآية عدم اشتراط قبض الرهن أثناء توثقة الدين بالرهن، ووجه هذا الاستنباط من الآية مفهوم الموافقة في قوله {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} حيث إنها دالة على أن هناك حالات أخرى جائزة لكن هذه الحالة هي الأكمل، ولكنها لا تنفي ما دونها من حالات هي أقل توثقة منها ومن ذلك عدم قبض الرهن.
الموافقون:
وافق السعدي على هذا الاستنباط بعض المفسرين، قال العثيمين:(. . . والقول الثالث: أن القبض - أعني قبض الرهن - ليس بشرط لا للصحة، ولا للزوم؛ وإنما ذكر الله القبض في هذه الحال؛ لأن التوثق التام لا يحصل إلا به لكون المتعاقدين في سفر؛ وليس ثمة كاتب، فلا يحصل تمام التوثقة بالرهن إلا بقبضه؛ وهذا القول هو الراجح؛ وعليه فالرهن لازم صحيح
بمجرد عقده - وإن لم يقبض؛ لقول الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة: ١]، وقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (٣٤)} [الإسراء: ٣٤]؛ وعلى هذا القول عمل الناس: فترى الرجل يكون راهناً بيته وهو ساكن فيه، أو راهناً سيارته وهو
(١) انظر: فتح الرحيم للسعدي (١٤٥)، وقد أورد السعدي في التفسير خلاف ذلك فقال: (ودل هذا على أن الرهن غير المقبوضة لا يحصل منها التوثق) انظر: تفسير السعدي (١١٩).