للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأموال هي أموال السفهاء، فمن هذه الإضافة يفهم ذلك.

قال الدوسري: (وإيتاء الله بكاف الخطاب يشعر بحفظ الأموال عن عموم السفهاء كما أوضحناه، ويشعر أيضاً بالاعتناء بأموال اليتامى والمحافظة عليها. . .) (١)، وقال الألوسي: (وإنما أضيفت إلى ضمير الأولياء المخاطبين تنزيلاً لاختصاصها بأصحابها منزلة اختصاصها بهم فكأن أموالهم عين أموالهم لما بينهم وبينهم من الاتحاد الجنسي والنسبي مبالغة في حملهم على المحافظة عليها) (٢)، وممن قال بذلك من المفسرين: أبوالسعود، وحقي، والقاسمي. (٣)

وذكر ابن عاشور وجهاً آخر لهذا الاستنباط ولكنه أعم من الأول فقال: (والمراد بالأموال أموال المحاجير المملوكة لهم، ألا ترى إلى قوله: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا} [النساء: ٥] وأضيفت الأموال إلى ضمير المخاطبين بـ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} إشارة بديعة إلى أنّ المال الرائج بين الناس هو حقّ لمالكية المختصّين به في ظاهر الأمر، ولكنّه عند التأمّل تلوح فيه حقوق الأمة

جمعاء لأنّ في حصوله منفعة للأمّة كلّها، لأنّ ما في أيدي بعض أفرادها من الثروة يعود إلى الجميع بالصالحة، فمن تلك الأموال يُنفق أربابها ويستأجرون ويشترون ويتصدّقون ثم تورث عنهم إذا ماتوا فينتقل المال بذلك من يد إلى غيرها فينتفع العاجز والعامل والتاجر والفقير وذو الكفاف، ومتى قلَّت الأموال من أيدي الناس تقاربوا في الحاجة والخصاصة، فأصبحوا في ضنك وبؤس، واحتاجوا إلى قبيلة أو أمّة أخرى وذلك من أسباب ابتزاز عزّهم، وامتلاك بلادهم، وتصيير منافعهم لخدمة غيرهم، فلأجل هاته الحكمة أضاف الله تعالى الأموال إلى جميع المخاطبين ليكون لهم الحقّ في إقامة الأحكام التي تحفظ الأموال والثروة


(١) انظر: صفوة الآثار والمفاهيم (٥/ ٨٨).
(٢) انظر: روح المعاني (٢/ ٤١١).
(٣) انظر: إرشاد العقل السليم (٢/ ٩٩)، وروح البيان (٢/ ١٧٠)، ومحاسن التأويل (٣/ ٢٨).

<<  <   >  >>