للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية مناسبة ذكر النصيب بأنه مفروض، حيث قال إن مناسبة ذلك هو بيان أن تحديد مقدار هذا النصيب هو الشرع لا العرف ولا العادة، كما بين مناسبة التعبير بالأقل والأكثر من الإرث وهي أن الوارث يرث من المال قليلاً كان أم كثيراً فلا يتوهم أحد أن النساء والولدان يرثون من المال الكثير فحسب.

قال أبوالسعود: (وتحقيقُ أن لكلَ من الفريقين حقاً من كل ما جلّ ودقّ) (١)، وقال ابن عاشور: (ومعنى كونه مفروضاً أنّه معيّن المقدار لكلّ صنف من الرجال والنساء، وهذا أوضح دليل على أنّ المقصود بهذه الآية تشريع المواريث) (٢).

وذكر بعض المفسرين وجهاً آخر، وهو أن مناسبة ذلك دفع توهم اختصاص بعض الأموال ببعض الورثة، قال الألوسي: (وفائدته دفع توهم اختصاص بعض الأموال ببعض الورثة كالخيل وآلات الحرب للرجال) (٣).

وهذا المعنى المستنبط مما يدل على عظم هذه الشريعة وعدلها، فهي تحفظ حقوق الضعفاء الذين قد تذهب حقوقهم ويسيطر عليها الأقوياء، كما أن فيه بيان اهتمام الإسلام بحقوق المرأة وحمايتها من الظلم، فإذا كانت الجاهلية قد تخصص بعض الأموال ببعض الورثة، وبعض الجاهليات قد تحرم المرأة من الحق الكامل في المال الكثير فتعطي المرأة اليسير من حقها وتستولي على الباقي، فإن الإسلام كفل للمرأة حقها كاملاً في أي نوع من الإرث وسواء قل أم كثر.، ففي هذه الآية تقويض ما كان عليه أهل الجاهلية من عدم توريث النساء، كما أن فيها بيان علة الإرث وهو القرابة وهذا متحقق في الكبير والصغير، والذكر والأنثى، مما شأنه القضاء على


(١) انظر: إرشاد العقل السليم (٢/ ١٠٢).
(٢) انظر: التحرير والتنوير (٤/ ٢٥٠).
(٣) انظر: روح المعاني (٢/ ٤٢١).

<<  <   >  >>