للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

في الآية مع أن الدين مقدم عليها في الإخراج من التركة، وبين أن ذلك راجع إلى الاهتمام بشأن الوصية لأن إخراجها يكون شاقاً على الورثة حيث هي من قبيل التطوع، بينما الديون أقل مشقة إذ هي لازمة.

وقد وافق السعدي على هذا الاستنباط بعض المفسرين، قال أبوحيان: (وقدم الوصية على الدين، وإن كان أداء الدين هو المقدم على الوصية بإجماع، اهتماماً بها وبعثاً على إخراجها، إذ كانت مأخوذة من غير عوض شاقاً على الورثة إخراجها مظنة للتفريط فيها، بخلاف الدين، فإنّ نفس الوارث موطنة على أدائه) (١)، وممن قال بذلك أيضاً من المفسرين: ابن عطية والرازي، والبيضاوي، وأبوالسعود، والألوسي (٢).

وذكر بعض المفسرين وجهاً آخر وهو أن الوصية والدين كلاهما متساويان في إخراجهما من التركة قبل القسمة ولذا لا أثر لتقديم أحدهما على الآخر، قال ابن جرير الطبري: (وإنما قيل: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}، فقدم ذكر الوصية على ذكر الدين، لأن معنى الكلام: إن الذي فرضتُ لمن فرضتُ له منكم في هذه الآيات، إنما هو له من بعد إخراج أيِّ هذين كان في مال الميت منكم، من وصية أو دين، فلذلك كان سواءً تقديم ذكر الوصية قبل ذكر الدين، وتقديم ذكر الدين قبل ذكر الوصية، لأنه لم يرد من معنى ذلك إخراج الشيئين: "الدين والوصية" من ماله، فيكون ذكر الدين أولى أن يُبدأ به من ذكر الوصية) (٣).

وذكر بعض المفسرين حكماً أخرى لتقديم الوصية على الدين لم شتاتها ابن العربي فقال: (فإن قيل: فما الحكمة في تقديم ذكر الوصية على ذكر الدين، والدين مقدم عليها؟ قلنا؛ في ذلك خمسة أوجه:

الأول: أن " أو " لا توجب ترتيباً، إنما توجب تفصيلاً، فكأنه قال:


(١) انظر: البحر المحيط (٣/ ١٩٤).
(٢) انظر: المحرر الوجيز (٤٠٨)، والتفسيرالكبير (٩/ ١٦٧)، وأنوار التنزيل (١/ ٣٣٧)، وإرشاد العقل السليم (٢/ ١٠٦)، وروح المعاني (٢/ ٤٣٦).
(٣) انظر: جامع البيان (٣/ ٦٢٥).

<<  <   >  >>