للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كثير: (كان الحكم في ابتداء الإسلام أن المرأة إذا زنت فثبت زناها بالبينة العادلة، حُبست في بيت فلا تُمكن من الخروج منه إلى أن تموت؛ ولهذا قال: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ} يعني: الزنا {مِنْ نِسَائِهِمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ شَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (١٥)} فالسبيل الذي جعله الله هو الناسخ لذلك، قال ابن عباس: كان الحكم كذلك، حتى أنزل الله سورة النور فنسخها بالجلد، أو الرجم، وكذا رُوي عن عكرمة، وسعيد بن جبير، والحسن، وعطاء الخراساني، وأبي صالح، وقتادة، وزيد بن أسلم، والضحاك: أنها منسوخة، وهو أمر متفق عليه) (١)، وممن قال بذلك من المفسرين أيضاً: الجصاص، وابن عطية، والقرطبي، والطوفي، وأبوحيان، وابن عاشور (٢).

النتيجة:

ما ذهب إليه السعدي ومن وافقه هو الصحيح من كون الآية ليست منسوخة، وإنما ذكر الحد فيها لبيان الإجمال في معنى السبيل، ومما يؤيد هذا الاستنباط أنه لا تعارض بين الحد والحبس، بينما النسخ يقع غالباً بين المتضادات، والقول ببقاء الحبس وعدم نسخه له فوائد، تؤيد عدم نسخه منها:

أولاً: أن الحبس يكون للخراجة الولاجة لأجل حمايتها من الوقوع في الفتنة.

ثانياً: أن الحبس يستخدم كعلاج نافع لمن لا يجدي معها الجلد كحد، لأن عقوبة الجلد مؤقتة، بينما عقوبة الحبس مستمرة.


(١) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٢/ ٨٦٥).
(٢) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٢/ ١٣٢)، والمحرر الوجيز (٤١١)، والجامع لأحكام القرآن (٥/ ٨٢)، والإشارات الإلهية (٢/ ٩)، والبحر المحيط (٣/ ٢٠٤)، والتحرير والتنوير (٤/ ٢٦٩).

<<  <   >  >>