للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

واختيارهن، ووجه استنباط ذلك من الآية أن الله حرم ذلك في حالة الإكراه، فدل مفهوم المخالفة-مفهوم الصفة- أنه في حالة الرضا جائز.

وقد خالف بعض المفسرين في ذلك، فقالوا إن الآية لا مفهوم لها لأن القيد خرج مخرج الغالب، قال أبوحيان: (والمراد نفي الوراثة في حال الطوع والكراهة، لا جوازها في حال الطوع استدلالاً بالآية، فخرج هذا الكره مخرج الغالب، لأن غالب أحوالهن أن يكنّ مجبورات على ذلك إذ كان أولياؤه أحق بها من أولياء نفسها) (١)، وممن قال بذلك أيضاً من المفسرين: الدوسري، ومحمد رشيد رضا (٢).

النتيجة:

وما ذهب إليه أبو حيان ومن وافقه هو الصحيح، إذ المرأة لا تورث مطلقاً من جملة الأموال ويستوي في ذلك حال الطوع والكراهية، لأن اللفظ خرج مخرج الغالب وقد تقرر في أصول الفقه أن ما خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، ولأنه على فرض رضاها لا يجوز للمؤمنين أن يرثوها بعد زوجها؛ لأن هذه سنة جاهلية أبطلها الإسلام، وما أبطله الإسلام فلا يحل ولو تراضى عليه الطرفان، فلا بد للمرأة من الرجوع إلى أوليائها الشرعيين، ولا تدخل في عصمة زوج جديد إلا بعد انقضاء العدة، ورضا وليها (٣).

وهذا الاستنباط فيه بيان احترام حقوق المرأة في الإسلام، وتكريمه لها، فبعد أن كانت ذاتاً تورث، أصبحت وارثة لها نصيب في المال، وأصبحت حرة بعد أن كانت سليبة القرار مقهورة، مغلوب على أمرها.


(١) انظر: البحر المحيط (٣/ ٢١١).
(٢) انظر: صفوة الآثار والمفاهيم (٥/ ١٨٢)، وتفسير المنار (٤/ ٣٨٩).
(٣) انظر: صفوة الآثار والمفاهيم (٥/ ١٨٢).

<<  <   >  >>