للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما: أن الله تعالى أمر بها في هذه الحالة الشديدة، وقت اشتداد الخوف من الأعداء وحذر مهاجمتهم، فإذا أوجبها في هذه الحالة الشديدة فإيجابها في حالة الطمأنينة والأمن من باب أَوْلَى وأحرى.

والثاني: أن المصلين صلاة الخوف يتركون فيها كثيراً من الشروط واللوازم، ويعفى فيها عن كثير من الأفعال المبطلة في غيرها، وما ذاك إلا لتأكد وجوب الجماعة، لأنه لا تعارض بين واجب ومستحب، فلولا وجوب الجماعة لم تترك هذه الأمور اللازمة لأجلها) ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية أن الصلاة جماعة فرض عين، ووجه الاستنباط من الآية أن الله عز وجل أمر بالجماعة حال الخوف، فوجوبها في حال الأمن أولى بناء على قياس

الأولى، كذلك ترك بعض أفعال الصلاة التي يمكن أن يفعلها لوكان لوحده مما يدل على فرضية صلاة الجماعة فلم تترك هذه الأفعال إلا في مقابل ما هو أولى منها.

وقد وافق بعض المفسرين السعدي على هذا الاستنباط، قال الكرجي القصاب: (وقوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} حجة لمن يزعم أن صلاة الجماعة فرض، إذ لا تجوز أفعال الضرورة-من التقدم والتأخر والانتظار- في صلاة يستطيع المنفرد أن لا يفعلها ولو فعلها لفسدت عليه، إلا وإقامتها في الجماعة فرض) (٢)

وقال الشنقيطي: (آية صلاة الخوف هذه من أوضح الأدلة على وجوب الجماعة؛ لأن الأمر بها في هذا الوقت الحرج دليل واضح على أنها أمر لازم، إذ لو كانت غير لازمة لما أمر بها في وقت الخوف؛ لأنه


(١) انظر: تفسير السعدي (١٩٨).
(٢) انظر: نكت القرآن (١/ ٢٦٣).

<<  <   >  >>