للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (١٤٦)} (النساء: ١٤٥ - ١٤٦).

١٦٧ - قال السعدي - رحمه الله -: (وتأمل كيف خص الاعتصام والإخلاص بالذكر، مع دخولهما في قوله: {وَأَصْلَحُوا} لأن الاعتصام والإخلاص من جملة الإصلاح، لشدة الحاجة إليهما خصوصا في هذا المقام الحرج الذي يمكن من القلوب النفاق، فلا يزيله إلا شدة الاعتصام بالله، ودوام اللجأ والافتقار إليه في دفعه، وكون الإخلاص منافيا كل المنافاة للنفاق، فذكرهما لفضلهما وتوقفِ الأعمال الظاهرة والباطنة عليهما، ولشدة الحاجة في هذا المقام إليهما) ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية مناسبة تخصيص الاعتصام والإخلاص بالذكر مع دخولهما في قوله تعالى: {وَأَصْلَحُوا} فهما من جملة الإصلاح المطلوب، وبين أن مناسبة هذا التخصيص لشدة الحاجة إليهما في هذا المقام وهو مقام التخلص من النفاق، الذي لا يستطيع الإنسان أن يفعله إلا إذا كان معتصماً بالله، مخلصاً له، فالاعتصام بالله والإخلاص لله تقضي على النفاق وتزيله، فلا يبقى للنفاق محل في قلب معتصم بالله مخلص له، ولهذا كانت التخصيص بالذكر في غاية المناسبة، إذ تبين أن الإخلاص والاعتصام بالله علاج رباني نافع لإزالة النفاق من القلوب.

وقد أشار أبو حيان إلى وجه آخر لا يبعد عن ما ذكره السعدي، فقال: (. . . ثم الاعتصام بالله في المستقبل وهو المقابل لموالاة الكافرين والاعتماد عليهم في الماضي، ثم الإخلاص لدين الله وهو المقابل للرياء


(١) انظر: تفسير السعدي (٢١٢).

<<  <   >  >>