للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن إتباع أهوائهم لشدة التحذير منها؛ ولأن ذلك في مقام الحكم والفتوى، وهو أوسع، وهذا في مقام الحكم وحده، وكلاهما يلزم فيه أن لا يتبع أهواءهم المخالفة للحق فصار إتباع أهوائهم سبباً موصلاً إلى ترك الحق الواجب) ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هاتين الآيتين مناسبة تكرار النهي عن اتباع الهوى، وأن مناسبة ذلك شدة التحذير، وأن النهي عن اتباع الهوى كما يكون في مقام الحكم، يكون كذلك في مقام الحكم والفتوى.

وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن الآية لا تكرار فيها؛ لاختلاف المتعلق، قال صديق حسن خان: (ليس في هذه الآية تكرار لما تقدم، وإنما أنزلت فى حكمين مختلفين، أما الآية الأولى: فنزلت فى شأن رجم المحصن وأن اليهود طلبوا منه أن يجلده، وهذه الآية نزلت فى شأن الدماء والديات حين تحاكموا إليه في أمر قتيل كان بينهم) (٢)، كما أشار إلى ذلك الخازن. (٣)

وما ذهب إليه السعدي هو الأقرب حيث إن اختلاف المتعلق لا يعارض مناسبة التكرار، بل يقال إن اختلاف المتعلق قد يناسب التكرار حيث لا يظن أن النهي خاص في أحدهما دون الآخر، كما أن التكرار له مناسبة أخرى وهي شدة التحذير.

وقد يقال إن حرص النبي صلى الله عليه وسلم على إسلامهم، حينما وعدوه قد يجعله يميل إليهم استعطافاً لهم، فجاء التحذير من اتباع أهواءهم مكرراً، وأنّ مصلحةَ احترام الشّريعة بين أهلها أرجحُ من مصلحة دخول فريق في


(١) انظر: تفسير السعدي (٢٣٤).
(٢) انظر: فتح البيان (٢/ ٢٧٨).
(٣) انظر: لباب التأويل (٢/ ٥٢).

<<  <   >  >>