للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية مناسبة جمع الظلمات، وإفراد النور في هذه الآية، وأن مناسبة ذلك أن الظلمات كثيرة الموارد متعددة الطرق بمعنى طرق الضلال كثيرة فناسب جمعها، بينما طريق الحق واحدة فناسب إفرادها.

وقد وافق السعدي على هذا الاستنباط بعض المفسرين منهم: جلال الدين المحلي، والبقاعي، والشوكاني. (١)

بينما ذهب ابن كثير إلى أن مناسبة ذلك هو كون النور أشرف (٢)، وأشار الألوسي إلى أن المناسبة هنا هي حسن التقابل مع قوله تعالى: (خلق السماوات والأرض) (٣)، وذهب الزمخشري، وابن عطية إلى أن المناسبة هنا إرادة الجنس فإفراده بمثابة جمعه. (٤)

وذهب ابن عاشور إلى أن المناسبة هنا اتباعاً للاستعمال، خلافاً لما ذهب إليه الزمخشري، فقال: (وإنّما جُمع {الظُّلُمَاتِ} وأفرد {النُّورِ} اتّباعاً للاستعمال، لأنّ لفظ {الظُّلُمَاتِ} بالجمع أخفّ، ولفظ {النُّورِ} بالإفراد أخفّ، ولذلك لم يرد لفظ {الظُّلُمَاتِ} في القرآن إلاّ جمعاً ولم يرد لفظ {النُّورِ} إلاّ مفرداً، وهما معاً دالاّن على الجنس، والتعريف الجنسي يستوي فيه المفرد والجمع فلم يبق للاختلاف سبب لاتّباع الاستعمال، خلافاً لما في "الكشاف") (٥).

وما ذهب إليه السعدي ومن وافقه هو أحسن وأقرب المناسبات؛ إذ جمع الظلمات هو المناسب لها سواء كانت الظلمة الحسية لتعددها،


(١) انظر: فتح القدير (٢/ ١٢٤)، ونظم الدرر (٢/ ٥٧٩)، وتفسير الجلالين (١٣٧).
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٣/ ١٢٨٣).
(٣) انظر: روح المعاني (٤/ ٧٩).
(٤) انظر: الكشاف (٣١٨)، والمحرر الوجيز (٦٠١).
(٥) انظر: التحرير والتنوير (٧/ ١٢٧).

<<  <   >  >>