للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية أن الحق لا يقاس بكثرة أهله، كما أن قلة السالكين لأمر من الأمور لا يعني أنه باطل، ووجه استنباط ذلك من الآية أن الله عز وجل بين في الآية أنه لو اتبع أكثر من في الأرض لكان سبباً في ضلاله إذ الآية تقتضي أنّ أكثر أهل الأرض ضالّون بطريق الالتزام لأنّ المهتدي لا يُضِلّ مُتبعه (١)، فمفهوم المخالفة للفظ أكثر يدل على أن الأقل هم أهل الهداية.

وقد بين الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله- في مسائل الجاهلية أن الاستدلال بالكثرة على الحق، والاستدلال بالقلة على الباطل من المسائل التي خالف فيها النبي صلى الله عليه وسلم ما كان عليه أهل الجاهلية فقال: (أن من أكبر قواعدهم الاغترار بالأكثر، ويحتجون به على صحة الشئ، ويستدلون على بطلان الشئ بغربته وقلة أهله، فأتتهم الآيات بضد ذلك، وأوضحه في غير موضع من القرآن) (٢).

وهذا الاستنباط مؤيد بالواقع فإن أهل الحق في كل زمن هم الأقل، ولكنهم هم الأكثر تأثيراً، بل المتأمل للتأريخ يجد أن أكثر صناع الحق هم الأقل أما الكثرة فتابعة فقط.

وفي هذا الاستنباط تأنيس لأهل الحق خصوصاً في زمن الفتن والتفات عامة الناس عن الحق والزهد فيه.

كما أن فيه تثبيتاً لأهل الحق في زمن هم قلة فيه، والكثرة والغلبة لغيرهم.


(١) انظر: التحرير والتنوير (٨/ ٢٥).
(٢) انظر: مسائل الجاهلية لمحمد بن عبدالوهاب (٦٧).

<<  <   >  >>