للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية مسألة أصولية وهي عدم وقوع تكليف ما لا يطاق، ووجه استنباط ذلك من الآية أن الله عز وجل بعد أمره لكافل اليتيم بالمحافظة على مال اليتيم والأمر كذلك بالوفاء في الميزان ولا شك أن هذه من الأمور الشاقة على النفس والتحرز منها قد يكون فيه مشقة بع ذلك كله بين لهم أن التكليف إنما هو في حدود الاستطاعة، فأخذ السعدي من ذلك دليلاً على عدم جواز تكليف ما لا يطاق.

قال السيوطي: (استدل به على منع تكليف مالا يطاق) (١)، وقد أشار إلى ذلك بعض المفسرين منهم: الجصاص، وابن عطية، والقرطبي، والألوسي، والشوكاني ومحمد رشيد رضا، والهرري (٢).

وعدم تكليف مالا يطاق هو اللائق بالشريعة الإسلامية التي جاءت لرفع الحرج والمشقة، بل فيها سقوط الواجب عن الذي لا يستطيع القيام به، وفيها القيام بما يقدر عليه من الواجب، بل جاء فيها جواز فعل المحظور عند الضرورة فكل هذا يؤيد القول بعدم تكليف مالا يطاق، قال ابن عاشور: (وهذا دليل على عدم وقوع التكليف بما فوق الطاقة في أديان الله تعالى لعموم قوله تعالى: {نَفْسًا} في سياق النفي، لأنّ الله تعالى ما شرع التكليف إلاّ للعمل واستقامة أحوال الخلق، فلا يكلّفهم ما لا يطيقون فعله، وما ورد من ذلك فهو في سياق العقوبات، هذا حكم عام في الشرائع كلّها، وامتازت شريعة الإسلام باليسر والرفق، ولذلك كان من قواعد الفقه العامة "المشقّةُ تجلب التيسير"، وكانت المشقة مظنّة الرخصة، وما ورد من التكاليف الشاقّة فأمر نادر، في أوقات الضرورة) (٣)


(١) انظر: الإكليل (١/ ٤٥٧).
(٢) انظر: أحكام القرآن للجصاص (١/ ٦٥١ - ٦٥٢)، والمحرر الوجيز (٢٦٩)، والجامع لأحكام القرآن (٣/ ٤١٠)، وروح المعاني (٤/ ٢٩٩)، وفتح القدير (٢/ ٢٢٥) وتفسير المنار (٣/ ١٢٧)، وتفسير حدائق الروح والريحان (٤/ ١٤٩).
(٣) انظر: التحرير والتنوير (٣/ ١٣٥).

<<  <   >  >>