للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليس بمخلوق، ووجه استنباط ذلك من الآية أن الله أضاف الكلام إليه، وإضافته الكلام إليه من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، فدل ذلك على أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق، فهو صفة من صفاته وتعالى الله أن يكون شيئاً من صفاته مخلوقاً.

قال أبوحيان: (وكلام الله من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، لا من باب إضافة المخلوق إلى الخالق) (١)، وقال الدارمي (٢): (والحجة على هذه العصابة أيضا جميع ما احتججنا به من كتاب الله في تحقيق كلام الله وما روينا فيه من آثار رسول الله فمن بعده أن القرآن نفس كلام الله وأنه غير مخلوق فهي كلها داخلة عليهم كما تدخل على الجهمية لأن كل من آمن بالله وصدقه في قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ شَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: ٦] وفي قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفتح: ١٥]، فأيقن بأنه كلامه حقا كما سماه أصدق القائلين لزمه الإيمان بأنه غير مخلوق لأن الله تبارك وتعالى لم يجعل كلاما مخلوقا لنفسه صفة وكلاما ولم يضف إلى نفسه كلام غيره لأنه أصدق القائلين ولا يقاس كلام الله ب بيت الله وعبد الله وخلق الله وروح الله لأن الخلق ليس من الله ولا من صفاته وكلامه صفته ومنه خرج فلا يضاف إلى الله من الكلام إلا ما تكلم به ولو جاز أن ينسب كلام مخلوق إلى الله فيكون لله كلاما وصفة كما يضاف إليه بيت الله وعبد الله لجاز أن تقول كل ما يتكلم به آناء الليل والنهار من حق أو باطل أو شعر أو غناء أو نوح كلام الله فما فضل القرآن في هذا القياس على الرد، سائر كلام المخلوقين إن كان كله ينسب إلى الله ويقام لله صفة وكلاما في دعواكم فهذا ضلال بين) (٣)


(١) انظر: البحر المحيط (٥/ ١٣).
(٢) هو: أبوسعيد، عثمان بن سعيد بن خالد بن سعيد الدارمي، التميمي، السجستاني، الإمام، العلامة، الحافظ، الناقد، صنف كتباً منها: المسند الكبير، والرد على بشر المريسي، والرد على الجهمية. ولد قبل المئتين بيسير، وتوفي في ذي الحجة ٢٨٠ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء (١٣/ ٣١٩).
(٣) انظر: الرد على الجهمية للدارمي (١٩٥).

<<  <   >  >>