للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّهَ مَعَنَا} (١) وفيها: أن الحزن (٢) قد يعرض لخواص عباد الله الصديقين، مع أن الأولى -إذا نزل بالعبد- أن يسعى في ذهابه عنه، فإنه مضعف للقلب، موهن للعزيمة). ا. هـ (٣)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية أن الحزن قد يعرض لخواص العباد الصديقين، ووجه استنباط ذلك من الآية أن الله عز وجل ذكر نهي النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر عن الحزن، مما يدل على وقوعه منه، ولكن وقوع الحزن لا يعني الاستسلام له بل يجب السعي لإذهابه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر بتذكيره معية الله، التي بتذكرها يذهب كل حزن.

والحزن أمر طبيعي نفسي قد يعرض للعبد الصالح، ولا يكون ذلك مثلبة في صدقه ودينه، ولا في خلقه وشجاعته، وقد حزن النبي صلى الله عليه وسلم لموت ابنه إبراهيم، ولموت خديجة، وعمه أبي طالب، وإنما يكون الحزن مذموماً عندما يكون له أثر على العزيمة، وإضعاف إيمان العبد بالقضاء والقدر.


(١) استنبط بعض المفسرين من هذه الآية فضيلة أبي بكر رضي الله عنه، حتى أوصلها بعضهم إلى اثني عشر وجهاً، وذكر بعضهم كذلك استنباطاً آخر وهو: أن من صحب النبي صلى الله عليه وسلم بقلبه، وعمله، فإن الله معه ولولم يصحبه ببدنه. انظر: التفسير الكبير (١٦/ ٥١ - ٥٤)، وبدائع التفسير (٢/ ١٠)، والإشارات الإلهية (٢/ ٢٧٥).
(٢) وقد طعن الشيعة في أبي بكر رضي الله عنه وقالوا إن هذا الحزن يدل على أنه ضعف وخور منه، وشك في الخبر، فأجاب أهل السنة بأن حزن أبي بكر رضي الله عنه لم يكن خوراً ولا ضعفاً، ولا شكاً، وإنما كان إشفاقًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بدر منه مواقف كثيرة دالة على شجاعته، وصدقه، وتصديقه. انظر: معالم التنزيل (٢/ ٢٤٧)، والإشارات الإلهية (٢/ ٢٧٦).
(٣) انظر: تفسير السعدي (٣٣٨).

<<  <   >  >>