للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهي تخرج من رق إلى عتق، وكان ذلك أحق وأولى من فكاك الرقاب الذي بأيدينا، لأنه إذا كان فك المسلم عن رق المسلم عبادة وجائزاً من الصدقة، فأحرى وأولى أن يكون ذلك في فك المسلم عن رق الكافر وذله) (١)، كما أن إطلاق الرقاب يقتضي رقبة كاملة، وممن قال بذلك من المفسرين أيضاً: ابن العربي، والشوكاني، وابن عاشور (٢)

المخالفون:

خالف بعض المفسرين فقالوا مفهوم عموم إطلاق الآية يدل على أن الأسرى لا يدخلون في الرقاب هنا، وأنه إنما أراد بذلك من لو اشتراه الإنسان لما عتق عليه، والأسير لا يمكن تملكه فليس برقبة (٣).

كما خالف بعض المفسرين فقالوا إن العتق المستقل للرقاب غير داخل في الآية، قال الجصاص: (الرقبة لا يسمى صدقة، وما أعطي في ثمن الرقبة فليس بصدقة لأن بائعها أخذه ثمنا لعبده فلم تحصل بعتق الرقبة صدقة، وليس في ذلك قربة، وإنما القربة في أن يعطى العبد نفسه حتى يفك به رقبته، وذلك لا يكون إلا بعد الكتابة، وأيضاً فإن الصدقة تقتضي تمليكا والعبد لم يملك شيئا بالعتق، وإنما سقط عن رقبته، وهو ملك للمولى، ولم يحصل ذلك الرق للعبد لأنه لو حصل له لوجب أن يقوم فيه مقام المولى فيتصرف في رقبته كما يتصرف المولى، فثبت أن الذي حصل للعبد إنما هو سقوط ملك المولى، وأنه لم يملك بذلك شيئا، فلا يجوز أن يكون ذلك مجزيا من الصدقة إذ شرط الصدقة وقوع الملك للمتصدق عليه) (٤)، وممن قال بذلك من المفسرين: الطبري (٥).


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٨/ ١٦٨).
(٢) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٤٥٢)، وفتح القدير (٢/ ٤٧٧)، والتحرير والتنوير (١٠/ ٢٣٦).
(٣) انظر: أحكام القرآن لابن الفرس (٣/ ١٧٥).
(٤) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٣/ ١٦١).
(٥) انظر: جامع البيان (٦/ ٤٠١).

<<  <   >  >>