للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤٨ - قال السعدي - رحمه الله -: (وفي هذه الآية دليل على أن الأعراب (١) كأهل الحاضرة، منهم الممدوح ومنهم المذموم، فلم يذمهم الله على مجرد تعربهم وباديتهم، إنما ذمهم على ترك أوامر الله، وأنهم في مظنة ذلك). ا. هـ (٢)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية أن الأعراب كأهل الحاضرة منهم المذموم ومنهم الممدوح، ووجه استنباط ذلك من الآية أن الله ذمهم على ترك أوامر الله، فدل تعليق الذم على ذلك أنهم ليسوا مذمومين لأجل أنهم أعراب، وإنما لكونهم تاركين أوامر الله، وفي مكان هم مظنة الجهل الذي سبباً في الترك.

وهذا الاستنباط مؤيد بأن الله في هذه الآيات مدحهم وبين أن منهم مؤمنين، فقال تعالى: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخَرُ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٩)}. [التوبة: ٩٩].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (والتحقيق أن سكان البوادي لهم حكم الأعراب سواء دخلوا في لفظ الأعراب أم لم يدخلوا فهذا الأصل يوجب أن يكون جنس الحاضرة أفضل من جنس البادية وإن كان بعض أعيان البادية أفضل من أكثر الحاضرة مثلا) (٣).

وهذا الاستنباط فيه عدل وإنصاف لمن كان مؤمناً من الإعراب، كما أن فيه تحذيراً لأهل الحاضرة ألا يظنوا أن مجرد انتسابهم إلى الحاضرة


(١) لفظ الأعراب هو في الأصل اسم لبادية العرب فإن كل أمة لها حاضرة وبادية فبادية العرب الأعراب ويقال إن بادية الروم الأرمن ونحوهم وبادية الفرس الأكراد ونحوهم وبادية الترك التتار ونحوهم. انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٤١٨).
(٢) انظر: تفسير السعدي (٣٤٩).
(٣) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٤١٩).

<<  <   >  >>