للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

منهما: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ}). ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية مسألة عقدية، وهي جواز الاستعانة بالمخلوقين فيما يقدرون عليه، ووجه استنباط ذلك من الآية أن الله ذكر عن يوسف استعانة بأحد الفتيين الذين استفتياه في الرؤيا طلب منه أن يذكره عند الملك، مما يدل على جواز الاستعانة بالمخلوقين فيما يقدرون عليه.

وقد وافق بعض المفسرين السعدي على هذا الاستنباط، قال القاسمي: (دلت الآية على جواز الاستعانة بمن هو مظنة كشف الغمة ولو مشركاً) (٢)، وممن قال بنحو ذلك من المفسرين: الزمخشري، وابن العربي، والرازي، والبيضاوي. (٣)

وقد أشار بعض المفسرين هنا إلى أن سبب لبث يوسف في السجن بضع سنين، أنه عندما طلب الاستعانة بالملك نسي الاستعانة بالله فعاقبه الله بأن لبث في السجن بضع سنين، قال الخازن: (والمعنى أن الشيطان أنسى يوسف ذكر ربه عز وجل حتى ابتغى الفرج من غيره واستعان بمخلوق مثله في دفع الضرر وتلك غفلة عرضت ليوسف عليه السلام فإن الاستعانة بالمخلوق في دفع الضرر جائزة إلا أنه لما كان مقام يوسف أعلى المقامات ورتبته أشرف

المراتب وهي منصب النبوة والرسالة لا جرم صار يوسف مؤاخذاً بهذا القدر فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين) (٤)، وأيدوا استنباطهم هذا بما جاء عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو لم


(١) انظر: تفسير السعدي (٤١٠)، وفوائد مستنبطة من قصة يوسف للسعدي (١٢٤)، وتيسير اللطيف المنان للسعدي (٢٨١).
(٢) انظر: محاسن التأويل (٦/ ١٨٤).
(٣) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ٤٧)، والكشاف (٥١٦)، التفسير الكبير (١٨/ ١١٧)، وأنوار التنزيل (٢/ ١٧٥).
(٤) انظر: لباب التأويل (٢/ ٥٣٠).

<<  <   >  >>