للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية جواز استخدام الحيل والمكايد التي يتوصل بها إلى الحقوق، ووجه استنباط ذلك من الآية أن يوسف وضع السقاية في رحل أخيه؛ ليتوصل بها إلى بقائه عنده.

وقد وافق بعض المفسرين السعدي على هذا الاستنباط، قال الشوكاني: (وفي الآية دليل على جواز التوصل إلى الأغراض الصحيحة بما صورته صورة الحيلة والمكيدة إذا لم يخالف ذلك شرعاً ثابتاً) (١)، وقال الجصاص: (وفيما حكى الله تعالى من أمر يوسف وما عامل به إخوته في قوله: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ} إلى قوله: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} دلالة على

إجازة الحيلة في التوصل إلى المباح واستخراج الحقوق وذلك لأن الله تعالى رضي ذلك من فعله ولم ينكره) (٢)، وقال ابن القيم: (وفيها تنبيه على أن العلم الذي يتوصل به إلى المقاصد الحسنة مما يرفع الله به درجات العبد) (٣)، وممن قال بذلك من المفسرين أيضاً: إلكيا الهراسي، وابن العربي، والزمخشري. (٤)

وقد ذكر بعض المفسرين وجهاً آخر لهذا الاستنباط وهو جواز الوصول إلى الحق بأي صورة، وجعلوا في ذلك إطلاقاً، حيث يفهم منه استخدام الحيل ولو غير المشروعة، وممن قال بذلك الحنفية، قال ابن العربي: (خلافاً لأبي حنيفة في تجويزه الحيل، وإن خالفت الأصول، وخرمت التحليل) (٥).

وهذا الاستنباط باطل، وغير جائز، قال ابن القيم: (فصل: استنباط


(١) انظر: فتح القدير (٣/ ٥٢).
(٢) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٢٢٨).
(٣) انظر: أعلام الموقعين (٣/ ١٧٣).
(٤) انظر: أحكام القرآن للهراسي (٤/ ٧٨)، والكشاف (٥٢٥)، وأحكام القرآن لابن العربي (٣/ ٥٨).
(٥) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ٥٩).

<<  <   >  >>