للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية مناسبة الاقتصار على ذكر الألبسة التي تقي الحر دون أن يذكر الألبسة التي تقي البرد، وأن مناسبة ذلك هو أن ذكر الألبسة التي تقي البرد من أصول النعم، وقد ذكرت في أول السورة لأن أول السورة في أصول النعم، أما النعم المذكورة التي في آخر السورة فهي من المكملات.

وقد ذكر المفسرون مناسبات أخرى في تخريج عدم ذكر الألبسة التي تقي البرد وهي كالآتي:

أولاً: خص الحر بالذكر لأن ما يقي من الحر يقي من البرد، وممن قال بذلك الزجاج، والشوكاني، والشنقيطي (١).

ثانياً: حذف البرد لدلالة ضده عليه، وممن قال بذلك: المبرد، والبيضاوي، وأبوالسعود، الخازن. (٢)

ثالثاً: وخص الحرّ هنا لأنه أكثر أحوال بلاد المخاطبين في وقت نزولها، والبرد فيها معدوم، وممن قال بذلك: ابن عطية، وابن عاشور. (٣).

وأحسن ما يمكن القول به في هذا الاستنباط هو أن عدم ذكر الألبسة التي تقي البرد هنا إنما هو لأجل الاكتفاء، بمعنى أن ذكر أحد الضدين يكفي عن ذكر الآخر، خصوصاً أن ذكر ما يقي من البرد تقدم في أول السورة، كما في قوله تعالى: ({لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ} [النحل: ٥])، ويؤيد هذا أن السياق سياق امتنان فناسب الامتنان بما يقي من الحر وبما يقي من البرد كذلك.


(١) انظر: معاني القرآن للزجاج (٣/ ٢١٥)، فتح القدير (٣/ ٢٢٩)، وأضواء البيان (٣/ ٣٢٦).
(٢) انظر: البحر المحيط (٥/ ٥٠٨)، وأنوار التنزيل (٢/ ٢٧٤)، وإرشاد العقل السليم (٤/ ٨٤)، ولباب التأويل (٣/ ٩٢).
(٣) انظر: المحرر الوجيز (١١٠٩)، والتحرير والتنوير (١٤/ ٢٤٠).

<<  <   >  >>