للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن العربي: (هذا يدل على صحة الوكالة) (١)، وقال القرطبي: (في هذه البعثة بالورق دليل على الوكالة وصحتها، قال ابن خويز منداد: تضمنت هذه الآية جواز الشركة؛ لأن الورق كان لجميعهم) (٢)، وممن قال بذلك من المفسرين أيضاً: الجصاص، وإلكيا الهراسي، وابن الفرس، والألوسي، والعثيمين (٣).

وقال بعض العلماء: لا تدل الآية على جواز التوكيل مطلقاً بل مع التقية والخوف، لأنهم لو خرجوا كلهم لشراء حاجاتهم لعلم به أعداؤهم في ظنهم فهم معذورون، فالآية تدل على توكيل المعذور دون غيره، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة، وهو قول سحنون (٤) من أصحاب مالك في التوكيل على الخصام (٥).

والصحيح أن الوكالة جائزة مطلقاً، ومما يؤيد ذلك ما جاء عن أبي هريرة قال: (كان لرجل على الَّنبي صلى الله عليه وسلم سنّ من الإبل، فجاء يتقاضاه فقال: أعطوه فطلبوا سنّه فلم يجدوا إلا سناً فوقها. فقال: أعطوه، فقال: أوفيتني أوفى الله بك. وقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: (إن خياركم أحسنكم قضاء) (٦)، قال الشنقيطي: (فدل هذا الحديث مع صحته على جواز توكيل الحاضر صحيح البدن، فإن النَّبي صلى الله عليه وسلم: أمر لأصحابه أن يعطوا عنه السن التي عليه وذلك


(١) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ١٨٣).
(٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن (١٠/ ٣٢٨).
(٣) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٢٧٧)، وأحكام القرآن للهراسي (٤/ ١٠١)، وأحكام القرآن لابن الفرس (٣/ ٢٦٨)، وروح المعاني (٨/ ٢٢٠)، وتفسير القرآن الكريم (سورة الكهف) للعثيمين (٣٨).
(٤) الإمام العلامة، فقيه المغرب، أبو سعيد، عبد السلام بن حبيب بن حسان بن هلال بن بكار بن ربيعة بن عبد الله التنوخي، ويلقب بسحنون الحمصي الأصل، المغربي، القيرواني، المالكي، قاضي القيروان، وتوفي عام ٢٤٠ هـ وله ثمانون سنة. انظر: سير أعلام النبلاء (١٢/ ٦٣).
(٥) انظر: أضواء البيان (٤/ ٤٥).
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوكالة، باب وكالة الشاهد والغائب جائزة، ح (٢٣٠٥)

<<  <   >  >>