للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجعلها على يد هذا العبد الصالح، ليستدل العباد بذلك على ألطافه في أقضيته، وأنه يقدر على العبد أموراً يكرهها جداً، وهي صلاح دينه، كما في قضية الغلام، أو وهي صلاح دنياه كما في قضية السفينة، فأراهم نموذجاً من لطفه وكرمه، ليعرفوا ويرضوا غاية الرضا (١) بأقداره المكروهة). ا. هـ (٢)

الدراسة:

استنبط السعدي من عموم إيراد هذه القصة أن الأقدار التي تجري على الناس وإن كانت مكروهة في ظاهرها، لكنها في خير للعبد في دينه ودنياه، ووجه استنباط ذلك من القصة ما أجراه الله على يد الخضر من


(١) انظر: تفسير السعدي (٤٨٥)، وفتح الرحيم للسعدي (١٦٧).
(٢) قال ابن القيم: (وقد أجمع العلماء على أنه مستحب مؤكد استحبابه واختلفوا في وجوبه على قولين، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يحكيهما على قولين لأصحاب أحمد وكان يذهب إلى القول باستحبابه قال: ولم يجئ الأمر به كما جاء الأمر بالصبر وإنما جاء الثناء على أصحابه ومدحهم.
قال: وأما ما يروي من الأثر: من لم يصير على بلائي ولم يرض بقضائي فليتخذ رباً سوائي فهذا أثر إسرائيلي ليس يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وليس من شرط الرضى ألا يحس بالألم والمكاره بل ألا يعترض على الحكم ولا يتسخطه ولهذا أشكل على بعض الناس الرضى بالمكروه وطعنوا فيه وقالوا: هذا ممتنع على الطبيعة وإنما هو الصبر وإلا فكيف يجتمع الرضى والكراهية وهما ضدان.
والصواب: أنه لا تناقض بينهما وأن وجود التألم وكراهة النفس له لا ينافي الرضى كرضى المريض بشرب الدواء الكريه ورضى الصائم في اليوم الشديد الحر بما يناله من ألم الجوع والظمأ ورضى المجاهد بما يحصل له في سبيل الله من ألم الجراح وغيرها.

وطريق الرضى طريق مختصرة قريبة جداً موصلة إلى أجل غاية ولكن فيها مشقة ومع هذا فليست مشقتها بأصعب من مشقة طريق المجاهدة ولا فيها من العقبات والمفاوز ما فيها وإنما عقبتها همة عالية ونفس زكية وتوطين النفس على كل ما يرد عليها من الله). انظر: مدارج السالكين لابن القيم (٢/ ١٧٨ - ١٨٢).

<<  <   >  >>