للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصواب من القولين، بعد أن يقصد بقلبه الحق ويبحث عنه، فإن الله لا يخيب مَنْ هذه حاله، كما خرج موسى تلقاء مدين فقال: {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (٢٢)}). ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية أن من كان باحثاً في العلم ولم يترجح عنده أحد القولين فإنه يسأل الله الهداية إلى الصواب ومن فعل ذلك مخلصاً لم يخيبه الله، ووجه استنباط ذلك أن موسى عليه الصلاة والسلام لما خرج إلى مدين ولم يكن يعرف الطرق سأل الله أن يهديه إلى الطرق الموصل إليها فاستجاب الله دعاءه، فأخذ السعدي من ذلك أن من تحير في مسألة من مسائل العلم وسأل الله بصدق هداه الله إلى الصواب.

ونجد كذلك أن دلالة قوله تعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (٢٢)}، تدل فيما تدل عليه على أن الخروج لطلب العلم والمعرفة والفهم تكمن في النفسية التي تستطيع بشخصيتها أن تستهدي بالله سبحانه وتعالى، لأن الهداية الإلهية أساس طلب العلم، وهذا من أهم مبادئ السلوك التربوي الحديث التي سبقت آيات سورة القصص نظريات التربية الحديثة إلى أبرزها (٢)، وحقيقة الأمر أن العبد مفتقر إلى

ما يسأله من العلم والهدى، طالب سائل، فبذكر الله والافتقار إليه يهديه الله ويدله (٣)، كما قال الله-في الحديث القدسي-: (كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم) (٤).


(١) انظر: تفسير السعدي (٦١٩).
(٢) انظر: سورة القصص دراسة تحليلية د. محمد مطني (١٧٥).
(٣) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٤/ ٣٩).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الأدب، باب تحريم الظلم، ح (٢٥٧٧).

<<  <   >  >>