للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٦٢ - قال السعدي - رحمه الله -: (ومنها-أي من الفوائد المستنبطة من قصة موسى-: أن العبد إذا فعل العمل لله تعالى، ثم حصل له مكافأة عليه من غير قصد بالقصد الأول، أنه لا يلام على ذلك، كما قبل موسى مجازاة صاحب مدين عن معروفه الذي لم يبتغ له، ولم يستشرف بقلبه على عوض). ا. هـ (١)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية أن العبد إذا عمل عملاً لله، ثم حصل على مكافأة على هذا العمل من غير أن يقصد ذلك، فلا لوم عليه، ووجه استنباط ذلك من الآية أن موسى عليه الصلاة والسلام فعل فعله الأول وهو تقديم بنات صاحب مدين في السقيا، دون أن يكون له قصد الحصول على أجرة، ثم جازى صاحب مدين موسى عن معروفه، وقبل موسى ذلك، ولم يأت في القرآن توجيه لوم إلى موسى في قبوله ذلك؛ مما يدل على جواز مثل ذلك.

وقد وجه بعض المفسرين ذهاب موسى هنا إلى أنه استجابة للدعوة لا لأجل الحصول على الأجر مما يجعل استنباط هذا المعنى هنا غير مستقيم، قال الشوكاني: (ويجاب عنه: بأنه اتبع سنة الله في إجابة دعوة نبيّ من أنبياء الله، ولم تكن تلك الإجابة لأجل أخذ الأجر على هذا العمل، ولهذا ورد أنه لما قدّم إليه الطعام قال: إنا أهل بيت لا نبيع ديننا بملء الأرض ذهباً) (٢)

وقال آخرون إن ذهابه هنا لأجل طلب رأي الشيخ، قال الألوسي: (ليتبرك برؤية الشيخ ويستظهر برأيه لا طمعاً بما صرحت به من الأجر) (٣)،


(١) انظر: تفسير السعدي (٦١٩)، وتيسير اللطيف المنان للسعدي (٢٢٩).
(٢) انظر: فتح القدير (٤/ ١٦٨).
(٣) انظر: روح المعاني (١٠/ ٢٧٤)، وانظر كذلك: أنوار التنزيل (٣/ ١١).

<<  <   >  >>