للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٩٦ - قال السعدي - رحمه الله -: (ويستثنى من هذا الأصل-وهو العفو عن الناس- العفو عن المجرم المفسد المتمرد الذي العفو عنه مما يزيده في عتوه وتمرده (١)، فالواجب في مثل هذا الردع والزجر بكل ممكن، ولعل هذا يؤخذ من القيد الذي ذكره الله بقوله: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ} فشرط الله أن يكون العفو فيه صلاح، فأما العفو الذي لا صلاح فيه، بل فيه ضده، فهو منهي عنه، والله أعلم). ا. هـ (٢)

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية استنباطاً متعلقاً بالسياسة الشرعية وهو أن العفو عن المفسد منهي عنه، ووجه استنباط ذلك من الآية أن الله قيد العفو بالصلاح، فدل مفهوم القيد أن العفو الذي لا صلاح فيه منهي عنه.

وقد وافق بعض المفسرين السعدي على هذا الاستنباط، قال العثيمين: (ولكنه بين في قوله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} (الشورى: ٤٠) أن العفو لا يكون خيراً إلا إذا كان فيه إصلاح، فإذا أساء إليك شخص معروف بالإساءة والتمرد والطغيان على عباد الله، فالأفضل ألا تعفو عنه، وأن تأخذ بحقك؛ لأنك إذا عفوت ازداد شره. فمن كان عفوه إفساداً لا إصلاحاً، فإنه آثم بهذا العفو، ولأن العفو إحسان والفساد إساءة، ودفع الإساءة أولى، بل العفو حينئذ محرم) (٣)، وممن أشار إلى


(١) يصير الانتقام مطلوباً في موضعين: الموضع الأول: حيث يكون تركه عجزاً ومهانة نفس. الموضع الثاني: حيث يترتب على العفو مفسدة تربي على مصلحة شراعاً أو سياسة معتبرة. انظر: بدائع السلك في طبائع الملك (١/ ٤٧٠).
(٢) انظر: تفسير السعدي (٧٦٠)، ومجموع الفوائد للسعدي (٥٦).
(٣) انظر: شرح رياض الصالحين للعثيمين (٣/ ١٤)، والقول المفيد شرح كتاب التوحيد للعثيمين (٣/ ٣٨).

<<  <   >  >>