للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدراسة:

استنبط السعدي من هذه الآية مناسبة ختمها بهذين الاسمين العظيمين لله، وهما: "السميع"و"العليم"، وأن مناسبة ذلك هو الحث على امتثال الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك التقدم بين يديه، والترهيب من ترك امتثال ذلك، ووجه الترغيب والترهيب في ذلك أن الله سميع لما تقولون، عليم بما تريدون بقولكم إذا قلتم، لا يخفى عليه شيء من ضمائر صدوركم، وغير ذلك من أموركم وأمور غيركم، فإن كان امتثالاً لأمر الله فلكم الثواب، فكان ترغيباً، وإن كان تركاً للامتثال فلكم العقاب، فكان ترهيباً.

وقد أشار البقاعي إلى قريب من ذلك فقال: (ولما كان سبحانه مع كل بعلمه، وأقرب إليه من نفسه، فكان مع ذلك غيباً محضاً لكونه محتجباً برداء الكبر وإزار العظمة والقهر، وكان الإنسان لما غاب عنه نساء، ذكره مرهباً بقوله مستأنفاً أو معللاً مؤكداً تنبيهاً على ما في ذلك من الغرابة والعظمة التي يحق للإنسان مجاهدة نفسه لأجلها في الإيمان به والمواظبة على الاستمرار على استحضاره، لأن أفعال العاصي أفعال من ينكره: {إِنَّ اللَّهَ} أي الذي له الإحاطة بصفات الكمال، ولما كان ما يتقدم فيه إما قولاً أو فعلاً قال: {سَمِيعٌ} أي لأقوالكم أن تقولوها {عَلِيمٌ} أي بأعمالكم قبل أن تعملوها) (١).

وقال ابن عاشور: (وجملة {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} في موضع العلة للنهي عن التقدم بين يدي الله ورسوله وللأمر بتقوى الله، والسميع: العليم بالمسموعات، والعليم أعم وذكرها بين الصفتين كناية عن التحذير من المخالفة ففي ذلك تأكيد للنهي والأمر) (٢).


(١) انظر: نظم الدرر (٧/ ٢٢٢).
(٢) انظر: التحرير والتنوير (٢٦/ ٢١٩).

<<  <   >  >>