للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤١٧ - قال السعدي - رحمه الله -: ({لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} أي: لا يمس القرآن إلا الملائكة الكرام، الذين طهرهم الله تعالى من الآفات، والذنوب والعيوب، وإذا كان لا يمسه إلا المطهرون، وأن أهل الخبث والشياطين، لا استطاعة لهم، ولا يدان إلى مسه، دلت الآية (١) بتنبيهها على أنه لا يجوز أن يمس القرآن إلا طاهر (٢)، كما ورد بذلك الحديث (٣)، ولهذا قيل أن الآية خبر بمعنى النهي أي: لا يمس القرآن إلا


(١) هناك بعض المفسرين أشاروا إلى دلالة الآية على عدم جواز مس القرآن للمحدث؛ ولكن هذا الاستدلال لا يعتبر استنباطاً لأن دلالة الآية عليه ظاهرة، وذلك بأنهم فسروا الكتاب بالمصحف فتكون دلالة الآية عليه واضحة، وهذا على القول بصحة هذا التفسير، مع أن الصحيح أن هذا القول مرجوح، بل قال بعضهم إنه ضعيف وممن قاله: ابن جزي الكلبي، والصاوي، والعثيمين، وأكثر المفسرين على أن المراد بالكتاب اللوح المحفوظ، وهو اختيار السعدي. انظر: زاد المسير (١٣٩٢)، والنكت والعيون (٥/ ٤٦٤)، والتسهيل لعلوم التنزيل (٢/ ٤٠٥)، وحاشية الصاوي على الجلالين (٦/ ٥٧)، وتفسير السعدي (٨٣٦)، وتفسير القرآن الكريم للعثيمين جزء الذاريات (٣٤٨).
(٢) لم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة، والعراق، والشام، أن المصحف لا يمسه إلا الطاهر على وضوء، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وأبي عبيد وهؤلاء أئمة الفقه والحديث في أعصارهم، وروي ذلك عن: سعد بن أبي وقاص، وعبدالله بن عمر، وطاوس والحسن والشعبي والقاسم بن محمد وعطاء، قال إسحاق بن راهويه: لا يقرأ أحد في المصحف إلا وهو متوضئ، وهناك من قال إنه يجوز مس المصحف للمحدث، وهذا منقول عن أبي حنيفة، والحكم، وحماد، والقول الأول هو قو أكثر الفقهاء. انظر: التمهيد لابن عبدالبر (١٧/ ٣٩٧)، ومعالم التنزيل (٤/ ٢٣٦)، والجامع لأحكام القرآن (١٧/ ١٩٥) ..
(٣) أراد بذلك كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزام، وكان فيه: (ألا يمس القرآن إلا طاهر). أخرجه مالك في الموطأ، كتاب القرآن، باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن، ح (٤٧١)، وعبدالرزاق في مصنفه (١/ ٣٤٢)، والطبراني في المعجم الكبير (١٢/ ٢٤٢) ح (١٣٢١٧)، والدارقطني في سننه باب في نهي المحدث عن مس القرآن (١/ ٢١٨) ح (٤٣٧)، وقال العظيم الأبادي في تعليقه على الدارقطني: مرسل رواته ثقات، انطر التعليق المغني (١/ ١٢١)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الطهارة، باب نهي المحدث عن مس المصحف (١/ ١٤١) ح (٤٠٨).
قال ابن عبد البر: (لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث بهذا الإسناد وقد روي مسنداً من وجه صالح وهو كتاب مشهور عند أهل السير معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة تستغني بشهرتها عن الإسناد لأنه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة). انظر: التمهيد لابن عبدالبر (١٧/ ٣٣٨). وقال ابن كثير: (ومثل هذا ينبغي الأخذ به) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٧/ ٣٤١٠)، وقال الألباني: صحيح. انظر: الإرواء (١/ ١٥٨).

<<  <   >  >>