للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أشار بعض المفسرين إلى نحو ما قاله السعدي، قال ابن كثير: (وإنما نَبَّه بهذا لئلا يُهدرَ جانب الآخر بمدح الأول دون الآخر، فيتوهم متوهم ذمه؛ فلهذا عطف بمدح الآخر والثناء عليه، مع تفضيل الأول عليه) (١)، وقال العثيمين: (ولكن لما كان تفضيل السابقين قد يفهم منه أن لا فضل للاحقين قال: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}) (٢)، وممن أشار إليه كذلك سيد طنطاوي (٣).

وأشار البقاعي إلى وجه آخر للمناسبة فقال: (ولما كان التفضيل مفهماً اشتراك الكل في الفضل، صرح به ترغيباً في الإنفاق على كل حال) (٤).

وذهب ابن عاشور إلى معنى آخر لهذه المناسبة، فقال: (وقوله: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} احتراس من أن يتوهم متوهم أن اسم التفضيل مسلوب المفاضلة) (٥).

وهذه المناسبات تحتملها الآية ما عدا اختيار ابن عاشور، فقد يكون لدفع توهم نقص من أنفق بعد الفتح، وقد يكون للحث على الإنفاق قبل وبعد لئلا يتوقف الناس عنه؛ خشية عدم الأجر فيه.

أما قول ابن عاشور أن ذلك للاحتراس من توهم أن اسم التفضيل مسلوب المفاضلة؛ فهذا فيه بعد؛ إذ السياق والمعنى يدفعان هذا التوهم؛ فيكون دفع توهم تنقص من أنفق بعد الفتح هو الأظهر. والله أعلم.


(١) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٨/ ٣٤٣١).
(٢) انظر: تفسير القرآن الكريم للعثيمين (جزء الذاريات) (٣٨٤).
(٣) انظر: التفسير الوسيط للقرآن د. محمد طنطاوي (١٤/ ٢٠٦).
(٤) انظر: نظم الدرر (٧/ ٤٤٢).
(٥) انظر: التحرير والتنوير (٢٧/ ٣٧٦).

<<  <   >  >>