تَرَكَ مَالاً كَثِيراً عُرْفاً الوَصِيَّةُ)؛ لما تقدم من أدلة مشروعة الوصية. ولا تجب؛ لعدم الدليل على وجوبها، وأما قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ}[البقرة: ١٨٠]، فمنسوخة؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما:«كَانَ المَالُ لِلوَلَدِ، وَكَانَتِ الوَصِيَّةُ لِلوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ الله مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ»[البخاري: ٢٧٤٧].
- فرع: يسن أن تكون الوصية (بِخُمُسِهِ) أي: خُمُس ماله؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما:«الَّذِي يُوصِي بِالخُمُسِ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِي يُوصِي بِالرُّبُعِ، وَالَّذِي يُوصِي بِالرُّبُعِ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِي يُوصِي بِالثُّلُثِ»[البيهقي: ١٢٥٧٥]، وروي ذلك عن أبي بكر وعلي رضي الله عنهما [عبد الرزاق: ١٦٣٦١، ١٦٣٦٣].
الحالة الثالثة: أن تكون محرمة: وأشار إليها المؤلف بقوله: (وَتَحْرُمُ) الوصية في ثلاثة مواضع:
١ - إذا كان الموصي (مِمَّنْ) له وارث (يَرِثُهُ، غَيْرُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ)، كابن وأخ وعم ونحوهم، إذا أوصى (بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ) أي: ثلث ماله (لِأَجْنَبِيٍّ)، فتلزم الوصية في الثُلُث من غير إجازة، وما زاد على الثُلُث يقف على إجازتهم، فإن أجازوه جاز، وإن ردوه بطل في قول جميع العلماء؛ لحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما مرض بمكة، وفيه: قلت: يا رسول الله، أوصي بمالي كله؟ قال:«لَا»، قلت: فالشطر؟ قال:«لَا»، قلت: الثُلُث؟